عربي ودولي

الاتحاد الاشتراكي يدعو الحكومة المغربية لتدارك الزمن السياسي تجنبا لاحتقان اجتماعي
الاتحاد الاشتراكي يدعو الحكومة المغربية لتدارك الزمن السياسي تجنبا لاحتقان اجتماعي
وجه إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في المغرب، بمناسبة الدورة السياسية والتشريعية الجديدة انتقادات للحكومة مطالبا إياها بتدارك الزمن السياسي المهدور وتحمل مسؤوليتها السياسية والتحرك العاجل والجدي والمسؤول من أجل تجنيب البلاد الارتدادات الخطيرة المحتملة للأوضاع الاجتماعية، وما قد ينجم عن ذلك من احتقان اجتماعي.

وشدد لشكر في تقرير قدمه في اجتماع للمكتب السياسي للحزب المعارض، الأحد، على ضرورة أن تكف عن نزعتها المهيمنة وتتفاعل إيجابا مع المؤسسة البرلمانية ومع المعارضة تفعيلا للمقتضيات الدستورية التي تصون التوازن المؤسساتي والتعددية السياسية، ومن المهم للحياة السياسية أن تتخلى عن الهيمنة القائمة على المنطق العددي وتتبنى مقاربة تشاركية مع المعارضة والفاعلين الاجتماعيين.

وأشار لشكر إلى التضييق على المساحات المتاحة دستوريا للمعارضة، مشيرا إلى أن المعارضة الاتحادية طيلة الثلاث سنوات من تقديم نموذج للمعارضة المسؤولة استطاعت مبادراتها أن تتصدر الأداء البرلماني سواء في مجال المقترحات والتعديلات التشريعية، أو في مجال مراقبة العمل الحكومي أو في ما يتعلق بتقييم السياسات العمومية وهو ما جعل المعارضة الاتحادية قوة اقتراح تستند إلى المرجعية الاشتراكية والتصورات الحزبية، “رغم أن عملنا مع أطراف المعارضة لم يؤد مع كامل الأسف إلى تطوير أدائها للتناقضات الموجودة بها”.

كما عرّج على الانتخابات الجزئية، التشريعية والجماعية، مشددا على أن “الحزب حرص على خوض غمارها في مواجهة الأغلبية المتغوّلة التي أجمعت على مرشح وحيد لها في الاستحقاقات التشريعية، وعلى الرغم من أننا لم نظفر بأيّ مقعد في هذه الانتخابات الجزئية، فإننا كنا منافسا قويا لمرشح التغول الثلاثي، إذ حصلنا على ضعف الأصوات التي حصلنا عليها في استحقاقات 2021، وتصدرنا بفارق كبير النتائج التي حصلت عليها أحزاب المعارضة”.

وفي هذا الصدد، أكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، أن “عمل الاتحاد الاشتراكي كواجهة للمعارضة يتطلب منه فعليا المشاركة في مراقبة العمل الحكومي، خدمة لحيوية المشهد السياسي وبعث الثقة مجددا في الفاعل الحزبي، بدل الاكتفاء بالحديث دون بلوغ غايات حيوية لتعزيز توازن المؤسسات وثقافة الديمقراطية لتأهيل المجتمع للانخراط في أيّ عملية انتخابية بكثافة”.

 وقال في تصريح لـ”العرب” إن إدريس لشكر دأب على انتقاد الحكومة كحدث روتيني دون الالتفات إلى تعزيز الديمقراطية داخل هياكل الحزب، بهدف إحياء أدوار حقيقية لحزب الاتحاد الاشتراكي وعودته لخدمة الجماهير الشعبية وممارسة أدواره في المعارضة كممثل للمواطنات والمواطنين، والاشتغال بروح الاتحاد وقوة حضوره وأدواره التاريخية”.

وانطلاقا من توازن المسؤوليات بين الفاعل الحزبي والمسؤول الحكومي، دعا إدريس لشكر إلى عدم تبخيس العمل الحزبي المنتقد لعمل الحكومة.

الكثير من الأحزاب السياسية منها الاتحاد الاشتراكي تتجنب إثارة مواضيع الفساد والرشوة وربط المسؤولية بالمحاسبة

 لكن رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي أكد في تصريح لـ”العرب” أن “الكثير من الأحزاب السياسية منها الاتحاد الاشتراكي تتجنب إثارة مواضيع الفساد والرشوة وربط المسؤولية بالمحاسبة، لدرجة أن هناك صمتا وتواطؤا مع قضية سحب مقتضيات تجريم الإثراء غير المشروع من القانون الجنائي، ولاحظنا كيف أن أغلب الأحزاب السياسية لاذت بالصمت ولم تناقش الموضوع”.

وتواجه الحكومة ضغوطا لتحقيق توازن بين الوفاء بالتزاماتها التنموية والاجتماعية، مثل تحسين البنية التحتية وتطوير قطاعي الصحة والتعليم وتحسين الدخل، وبين الحفاظ على الانضباط المالي وخفض العجز، حيث يصبح البحث عن موارد جديدة مسألة ضرورية، تجنبا لأيّ احتقان اجتماعي، وهو ما دفع لشكر إلى القول بأن الوضع الحالي يستدعي القيام بمبادرات مسؤولة وغير مستفزة.

كما اعتبر لشكر في تقريره أن الحكومة مطالبة بامتلاك الإرادة الحقيقية لمباشرة الإصلاحات الأساسية وتفعيل المشاريع والبرامج الكبرى المتعلقة بتفعيل النموذج التنموي، وإرساء المنظومة الوطنية المتكاملة للمخزون الإستراتيجي المائي والغذائي والدوائي والطاقي، والقيام بالإصلاح الضريبي الضروري، وإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية المتضخمة، ومراجعة حوكمة المؤسسات المكلفة بمغاربة العالم، وغيرها.

ولفت الاتحاد الاشتراكي أكبر أحزاب المعارضة في المغرب إلى أن التناقضات المصلحية والأنانية تغذيها الصراعات بين مكونات الأغلبية المهيمنة التي عطلت مشروع التنمية محليا ووطنيا وأدت إلى اتساع حجم البطالة وتفاقم مظاهر الهشاشة والفقر، وأنه بعد انقضاء ثلاث سنوات من الولاية الحكومية الحالية، يتبين فشل الحكومة في الوفاء بالتزامها الوارد في البرنامج الحكومي الذي على أساسها نالت ثقة البرلمان بعد التنصيب الملكي، أي لم تتمكن من الزيادة من وتيرة النمو إلى نسبة 4 في المئة، ولم تتجاوز خلال الثلاث سنوات نسبة 2.5 في المئة.

وأفادت شريفة لموير، الباحثة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، لـ”العرب” أن “حزب الاتحاد الاشتراكي كان إلى الأمس القريب يخطب ودّ الأغلبية الحكومية من أجل الانضمام إليها، ليعود اليوم ليتعامل معها بشكل أشبه بابتزاز سياسي”، موضحة أن “أي خطوة غير محسوبة في طريقة مهاجمة الحكومة على غرار ملتمس الرقابة للإطاحة بالحكومة الذي قدمه لشكر بداية السنة دون أثر سياسي، من شأنها أن تزيد من إضعاف المعارضة أمام الأغلبية وتؤثر عليها سلبا في سعيها نحو القيام بأدوارها الدستورية، مقابل الحكومة التي ستتقوى أكثر خلال المرحلة المقبلة وستتمكن من الاشتغال بكل أريحية خلال ما تبقى من عمرها، في ظل ركود سياسي يسم المشهد السياسي”.

15 أكتوبر 2024

هاشتاغ

التعليقات