بينما ينظف الحدائق من الوحل بعد نحو أسبوعين من الفيضانات الغزيرة التي اجتاحت بلدة كريتزندورف النمساوية الصغيرة، يشير عبدالحكيم الشاطر إلى لافتة كُتب عليها “السوريون النمساويون يقولون: شكرا للنمسا”.
ويعمل الشاطر (45 عاما)، وهو أصلا من حمص في سوريا، مع عشرات من أهل بلده للمساعدة على إزالة الوحول التي سببتها الفيضانات. ويشكل هذا العمل لفتة امتنان للنمسا في وقت أضحت فيه الهجرة قضية ساخنة في الانتخابات العامة التي ستُجرى في البلاد يوم الأحد.
ويأمل الشاطر أن تؤدي رؤية السوريين وهم يكرسون وقتهم وطاقاتهم لإغاثة ولاية النمسا السفلى المتضررة بشدة إلى تخفيف نبرة الخطاب الانتخابي الحاد حول الهجرة غير المنضبطة.
وقال الشاطر الذي يرأس “الجالية السورية الحرة في النمسا”، وهي مجموعة دعم للسوريين، “هناك انتخابات مقررة ونحن نحاول أن نظهر أننا لسنا جميعا متساوين”.
عدد اللاجئين السوريين في النمسا يرتفع بأكثر من ثمانية أمثال بين 2015 و2024، ويصل إلى 95180 شخصا
وارتفع عدد السوريين المقيمين في النمسا، الفارين من الحرب في وطنهم، بأكثر من ثمانية أمثال بين عامي 2015 و2024، بحسب البيانات الرسمية، إذ بلغ عددهم 95180 شخصا في يناير الماضي.
واكتسبت جهود تيار اليمين الرامية إلى الحد من الهجرة إلى النمسا زخما منذ الهجمات المميتة في ألمانيا التي أُلقي باللوم فيها على مهاجرين ينحدرون من أصول مسلمة، والمؤامرة الفاشلة لمهاجمة حفل المغنية الشهيرة تيلور سويفت التي قيل إن العقل المدبر لها كان مراهقا يستلهم أفكار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وتصدر حزب الحرية اليميني المتطرف استطلاعات الرأي على مدى أسابيع، متقدما بفارق ضئيل على حزب الشعب النمساوي المحافظ الحاكم. وتعهد الحزبان بسن قوانين أكثر صرامة بشأن اللجوء ومكافحة الهجرة غير النظامية في حالة الفوز.
وأمضى الشاطر، وهو رسام ومصمم ديكور وصل إلى النمسا في عام 2015، الأيام القليلة الماضية في مساعدة السكان المحليين على التعافي من الفيضانات في أماكن مثل كريتزندورف شمالي فيينا مباشرة، حيث تركت الفيضانات منازل مغمورة جزئيا بمياه موحلة.
وقال مالك منزل هناك يدعى دينكو فيزولي، المقيم في النمسا والذي ولد لأبوين من كرواتيا ومقدونيا، إن المتطوعين السوريين أجروا بعض اللقاءات المثيرة للاهتمام. وأضاف “كنت قد أحضرت بعض المساعدين لسيدة أعرف أنها ستصوت لحزب الحرية. ساعدوها لأنها لم يكن لديها أصدقاء أو عائلة لمساعدتها. كان الأمر بمثابة مفارقة”.
ويظهر هذا الجهد التطوعي وعيا بوضع اللاجئين السوريين في أماكن أخرى، حيث تضغط دول وجمعيات من أجل إعادتهم إلى بلادهم. من ذلك أن ما يهم تركيا هو إعادة 3.5 مليون لاجئ سوري إلى بلادهم بقطع النظر عن الظروف التي سيعودون فيها، وما إذا كان الوضع الذي هربوا منه قد تغير أم لا.
كما أن السوريين الذين فروا إلى لبنان اضطروا إلى العودة الجماعية تحت وقع الحرب بين حزب الله وإسرائيل دون تفكير في ما سيتعرضون له جراء هذه العودة الاضطرارية. وبحسب السلطات السورية هناك أكثر من 15 ألف لاجئ سوري قد غادروا لبنان عائدين إلى بلادهم.
وفي عام 2011، مع بدء الحرب الأهلية في سوريا، وفي الأعوام التي تلته لجأ مئات الآلاف من السوريين إلى لبنان حيث يقول المسؤولون وشريحة واسعة من المواطنين إن النازحين السوريين يشكلون عبئا كبيرا على الاقتصاد، ويطالبون بإعادتهم إلى بلادهم.