عاد الحوثيون الأحد إلى مهاجمة إسرائيل، لكن الهجوم اتخذ شكلا مختلفا هذه المرة من خلال استخدام صاروخ فرط صوتي من المرجح أن يكونوا قد حصلوا عليه من حليفتهم إيران.
ويقول محللون إن إيران استخدمت الحوثيين لتجربة هذا السلاح استعدادا للرد على اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية داخل أراضيها في 31 يوليو الماضي، وهو ما يضمن للإيرانيين ألا يواجهوا الإحراج الذي واجهوه المرة السابقة، عندما أطلقت طهران في أبريل الماضي أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخا ردا على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف قنصليتها في دمشق، وقد اعترضت إسرائيل أغلبها.
وتكمن أهمية استخدام الحوثيين في أن نجاح الضربة -وهو ما حدث هذه المرة، حيث فشلت أنظمة الدفاع الإسرائيلية في إسقاط الصاروخ الباليستي- سيكون أمرا جيدا، أما لو حدث العكس وتمكنت إسرائيل من إسقاطه فإن الحوثيين هم الذين سيشعرون بالإحراج وليس طهران.
الهجوم يضع اليمن في مرمى الانتقام الإسرائيلي الذي قد يكون هذه المرة أشد وطأة من قصف ميناء الحديدة
ويرجح خبراء أن يكون الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون نوعا بدائيا من الصواريخ فرط صوتية لأن الدفاعات الجوية الإسرائيلية لاحظت تغييرات في مساره ولهذا أطلقت مجموعة الدفاع الجوي متعددة الطبقات بما في ذلك”حيتس” و”القبة الحديدية”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي صباح الأحد عن “إطلاق صاروخ أرض – أرض من جهة الشرق سقط في منطقة مفتوحة”، مشيرا في بيان ثانٍ إلى أن “الصاروخ أطلق من اليمن”. وأضاف “دوي الانفجارات الذي سمع ناتج عن صواريخ اعتراض. نتيجة عملية الاعتراض لا تزال قيد الفحص”.
وبعد الإعلان عن سقوط الصاروخ شاهد مصورون صحافيون رجال إطفاء يكافحون حريقا قرب اللد وزجاجا محطما في محطة للقطارات في موديعين. وتقع المدينتان جنوب شرق تل أبيب.
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع في فيديو عبر إكس “نفّذت القوة الصاروخية في القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية نوعية استهدفت من خلالها هدفا عسكريا في منطقة يافا في فلسطين المحتلة، وقد نفذت العملية بصاروخ باليستي جديد فرط صوتي”.
وأشار إلى أن “دفاعات العدو أخفقت في اعتراضه والتصدي له”. ويضع هذا الهجوم اليمن في مرمى الانتقام الإسرائيلي الذي قد يكون هذه المرة أشد وطأة من قصف ميناء الحديدة الذي كبد البلاد خسائر فادحة.
والأحد قال بنيامين نتنياهو في مستهل اجتماع حكومته “أطلق الحوثيون صباح اليوم صاروخ أرض – أرض من اليمن على أراضينا. ينبغي لهم أن يعرفوا الآن أننا نفرض ثمنا باهظا لأي محاولة لإلحاق الأذى بنا”.
وتابع “أدعو من يحتاج إلى تذكير بهذا الشأن لزيارة ميناء الحديدة”، في إشارة إلى المدينة اليمنية الواقعة على البحر الأحمر. وفي أعقاب اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أعلن الحوثيون مرارا استهداف الدولة العبرية.
وفي 20 يوليو الماضي أغار سلاح الجو الإسرائيلي على ميناء مدينة الحديدة الخاضع لسيطرة الحوثيين في غرب اليمن، غداة تبنّيهم هجوما بمسيّرة مفخّخة أوقع قتيلا في تل أبيب. وكانت تلك المرة الأولى التي تتبنى فيها إسرائيل هجوما على اليمن.
كما يستهدف الحوثيون منذ نوفمبر الماضي سفنا تجارية قبالة سواحل اليمن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إليها. ومنذ أن شنّت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات مشتركة على مواقع تابعة لهم في اليمن، بات الحوثيون يستهدفون سفنا يعتقدون أنها على صلة بالبلدين.
وبدت نشوة الحوثيين بهذا “الانتصار” واضحة؛ إذ توعد زعيمهم عبدالملك الحوثي بشن المزيد من الهجمات على إسرائيل، قائلا إن”القادم أعظم”.
جاء ذلك في كلمة للحوثي بثتها قناة المسيرة الفضائية التابعة للجماعة، في أول تعليق له على هجوم الجماعة الصاروخي على إسرائيل الأحد.
وقال الحوثي إن “عمليتنا اليوم (الأحد) ضد إسرائيل تم تنفيذها بصاروخ ذي تقنية عالية تجاوز منظومات العدو وبلغ مسافة تقدر بـ2040 كيلومترا”. وأضاف “عملياتنا العسكرية مستمرة (ضد إسرائيل) طالما استمر العدوان والحصار على غزة. نواصل التنسيق مع محور الجهاد والمقاومة، والقادم أعظم بإذن الله تعالى”.
وبدورها أشادت حركة حماس الأحد بإطلاق الحوثيين صاروخا باليستيا تجاه وسط إسرائيل، واعتبرته “ردا طبيعيا على العدوان” و “حقا أصيلا للمقاومة”.
وأكدت أن إسرائيل “لن تحظى بالأمن ما لم يتوقف عدوانها الوحشي على شعبنا في قطاع غزة”، مشددة على أن “ما تقوم به جبهات المقاومة في اليمن ولبنان والعراق حق أصيل لمقاومة أمتنا وشعوبها، وهو تأكيد على وحدة أمتنا ومصيرها المشترك في مواجهة المشروع الصهيوني وهيمنته الاستعمارية في فلسطين والمنطقة العربية”.