المجتمع

بوكثير دومة يكتب سردا ساخرا مستنطقا أحداث قفصة
بوكثير دومة يكتب سردا ساخرا مستنطقا أحداث قفصة
تثبت رواية “بغل برغوث” للكاتب التونسي بوكثير دومة أنه يمكن للبغل أن يقود ثورة، ويمكن للجسد أن يكون ساحة للقتال. يتلاعب السرد الساخر بالقارئ، يُقحمه في انتظار مراوغ. يُمسك السرد بالبغل ويسحب شكيمته كلما أراد وعندما يغيب البغل من السرد يتحرر الراوي ويوقظ تاريخا كاملا وفق بناء متفرع وفاجع. كل الشخصيات تتقن ارتداء المواقف، تتلون وتحرّك لعبة السرد. ولكن يستقر الأمر عند “مرضية” امرأة في صيغة الجمع، صاحبة البغل وصاحبة الثورة المتأججة. أما “حمد” فيُقاتل لأجل وجوه عدة سكنته، فيكون هو الآخر مفردا في صيغة الجمع. ويتحول مرضه إلى حكاية ملغزة تحيّر القارئ وتخلخل نمطية السرد.

رواية “بغل برغوث” تُوحي بتوغل في التاريخ، سريان لدم مُتخثر، يتقطر سردا لاذعا، مُغريا جامعا بين التاريخ والحفر، بين القلق والسخرية. وتقوم على سرد ساخر ناقد يتوارى وراء استنطاق لأحداث قفصة، نبش في تاريخ طفولة منسية، ملاحقة كاشفة لتواطؤ سياسي، مراجعة لمنطق الثورة ولمنطق سياسة المرأة.

سردان بصري ولحمي

ربما كان بوكثير دومة هاربا من سلطة المخرج، بعد مسيرة هامة في الكتابة للمسرح والدراما الإذاعية خاصة، ليكون هو الكاتب والمخرج والسينوغراف والمصمم للأزياء وتقني الإضاءة ومؤدي الأدوار وقارئا لخفايا الشخصيات وكل شيء يخص اللعبة المسرحية. أراد أن يخرج فكرته كما يُريد للقراء، فكان السرد مستجيبا لهذا النداء.

تم تقديم هذا المفهوم لأول مرة مع الفيلسوف اللغوي الروسي ميخائيل باختين، استنادًا إلى مفهوم تعدد الأصوات الموسيقية. لقد مكن تعدد الأصوات من جعل كل شخصية مُتجلية في شفافيتها، لها لسانها الذي تُعبر به، لا تحتاج إلى ضمائر أخرى ، فجعلها ذلك أقرب الى المسرح، فكلما وطئت شخصية عتبة “الأنا المتحدثة الراوية”، تقدمت على الركح بكل ما فيها، وتحركت نحونا عارية من كل قناع.

ينفتح السرد على الراوي – الطفل “أخ منصورة”، المتشوق للبغل والمتحمس لاعتلائه، ثم يتدخل الراوي مستدعيا ومقدما شخصية “الصويعي”، وقد ارتعدت فرائصه عند مرور “مرضية”، ويتواصل حضور الراوي الخارجي إلى غاية الصفحة السادسة والعشرين.

ثم يستعيد الطفل منابه من السرد، تناوبا معه، ثم يفتكّه منه في المقطع الرابع، في الصفحة السابعة والخمسين، متحدثا عن عقوبة الاستحمام في فصل الشتاء. ولعل هذه الومضة هي مراوحة بين الراوي الحاضر من خارج الرواية، والراوي الذي يتقمص ذاكرة الطفل في علاقته بأمه والماء والبغل والبادية.

تنطق الرواية بما سمّيته “السرد اللحمي”، وهو نمط من السرد يجعلك تستشعر الشخوص أمامك “لحما حيا” ينبض بالحركة، وقد كان ذلك ممكنا من خلال تلبيسها وتحريكها، إلى الحد الذي يُمكننا أن نحس أنفاسها ونشم رائحتها. هذا السرد اللحمي، فيه الكثير من “السرد البصري” (la narration visuelle). يُصور لنا الرواة في الرواية وهم كثر كل شيء. تتشكل المشاهد عبر السرد صامتة أو متحركة، تصف المكان والزمان وملامح الشخوص وملابسهم وحركتهم وتقلبهم وأحاسيسهم، وحتى أحلامهم وتخيلاتهم، هذا بالإضافة إلى مسرح الأشياء التي تنطق بما فيها من صمت وتتغير وظيفتها مع تغير المشاهد.

الصورة الفوتوغرافية يمكنها أن تكون سردية أو سينمائية كما يمكن للرواية أن تراوح بين التشكيل المسرحي والسينمائي

احتوى السرد التشكيل ضمن تفصيلات المسرح وومضات السينما، فكنا نشاهد لوحات حية قُدت من حياة حقيقة، فيها الإضاءة والديكور والسينوغرافيا، تتشابك فيها الخرافة، ويقع سردها وعرضها وتمثيلها مراوحة بين التقطيع الطبيعي المُنتظم والتقطيع المُراوغ (ص 84 كابوس النوري).

على سؤال “ما هو السرد البصري؟”، تبدو الإجابات متناقضة. فمن ناحية، فإن المتخصصين، الذين يعتمدون على النموذج المسرحي أو الروائي لتمثيل الفعل عبر الزمن، يربطون فكرة السرد بالتسلسل، وبالتالي يقدمون الصورة الثابتة كدعم قليل متكيف مع السرد (شتاينر). وفقًا للجمالية الكلاسيكية التي حددها ليسينج في “اللاكون” (Laocoon): “لا يُمكن للرسم إلا أن يستغل لحظة واحدة من الفعل، وبالتالي يجب عليه اختيار الأكثر إثمارًا” (ليسينج). بمعنى آخر، يعتمد الاستخدام السردي للصور على القطع الناقص أو التكثيف، ويشير إلى مخطط خارجي ضروري لتفسير العمل.

إذن الصورة لن تكون “سردية” (narrative) فحسب، بل “سردانية” (narratrice) أيضا. إنها في الواقع قادرة على تولي مسؤولية جميع وظائف الراوي كما يصفها جيرار جينيت في الشكل الثالث (Figures III). يمكن للصورة أن تقوم بالوظائف الخمس للراوي بحسب جينيت؛ أو ستة في الواقع، لأننا نلاحظ ضرورة الانفصال بين الوظائف التفسيرية والأيديولوجية: إن هذا السرد المرئي، الدقيق، على نمط لوحات المنمنمات، لا “يحكي” قصة فقط (وظيفة السرد)، بل يشارك في تنظيم القصة وزمنية الأحداث (وظيفة الإدارة)، ويقيم رابطًا مع القارئ (وظيفة الاتصال)، ويقدم التفسيرات (الوظيفة التفسيرية)، ويدعم الغرض الأيديولوجي للنص (الوظيفة الأيديولوجية)، وينقل العاطفة (وظيفة الشهادة). وهكذا، يُتيح هذا التأمل تفسير دور الصور في ترتيب المقاطع داخل الرواية ويعكس دور تبعية النص للصورة، مع فتح وجهات نظر حول الوظيفة السردية للصور في الوسائط الأخرى.

تصريفات السرد
"السرد اللحمي" نمط من السرد يجعلك تستشعر الشخوص أمامك “لحما حيا” ينبض بالحركة فتحس أنفاسها وتشم رائحتها

إن اللوحات المرسومة “سردا”، ليست محايدة للقصة، فالصورة تدعم القصة، كما يفعل الراوي، هي الرواية عينها لأنها مثال للوساطة التي تنقل الخرافة في “لحميتها ومرئيتها”، إلينا بتصريفات، ذاتية وتأويلية يقترحها علينا الراوي الأساسي وبقية الرواة، فيتم التركيز على صور تبدو أكثر أهمية في نظر الراوي، ويتم تجاهل صور أخرى تمر في صمت، دون تفسير لكنها مشحونة بالعاطفة إلى حد ما، أو مشحونة بالمخاتلة والحركة أو الغموض والتغير الفجئي.

نجد مثلا صور الشخصيات التي مثلها “حمد” وتروي مشكل مرضه، لكنها أيضا تحكي براعة مسرحية في ارتداء الوجوه أو الأقنعة، كما يمكن أن تكون مثالا حيا على الفعل المسرحي عندما يصل أقصاه بالممثل ليصل الى مرحلة تداخل الوجوه والشخوص، وقد يُعاني منه بعض الممثلين خلال مسيرتهم المسرحية أو الدرامية. فقد يكون “مرضا” حقيقيا (مرض تتداخل فيه الهويات) مرضا فنيا مسرحيا.

وتلك الوجوه التي ارتداها “حمد” أو ألبسها له بوكثير دومة، سهلت المقاربة الدرامية، فكانت شخصية حمد الباتولوجية، نمطا من الانفعال المراوح بين الواقعي المرضي والمسرحي – السينمائي. وفي دور “المجذوب”، يقتفي بوكثير أثر الزوايا بقلم خفي ناقد، يكشف اختلاط المرض بالشخصية، أو اعتلاء حمد لشخصيات أراد الكاتب أن تكون حاضرة من خلاله.

كأن “حمد” هو الممثل الذي يجيد عديد الأدوار في العرض الواحد، ويعطيه المخرج بطاقة خضراء ليمر من دور إلى آخر بمرونة شديدة، حتى يجعله “عسكريا” وبطلا في آخر الرواية. ويضع أمامه بكل يسر ما يستحقه من إكسسوارات، دون عناء البحث.

يمكن للصورة الفوتوغرافية أن تكون سردية أو سينمائية، كما يمكن للرواية أن تكون مراوحة بين التشكيل المسرحي والسينمائي، وكلما اشتدت الحركة غادرنا منطقة المسرح نحو منطقة السينما، وكلما عدنا للخطاب والحوار والمونولوغ كلما اقتربنا أكثر من المسرح. نقرأ من ذلك في الرواية: “نزلت دمعة ثقيلة على خده، كانت بعيني العيفة حمرة مفزعة.. حمرة حرّى برزت من ثناياها دمعة يتيمة، كأنها ولدت من نسيج من دم. جرت عبر تجاعيد وجهه المنهك، ثم توقفت فوق شعيرات بيض عند لحيته، فمسحها بسبابته ولحس إصبعه بلسان ملتو جاف” (ص 44).

بطلة الرواية تعلم القارئ أن يحبها وتدمر كل الوجوه الأخرى الضعيفة للمرأة مستولية على فطنة السرد وغواية الصورة

كما تحفل الرواية بالومضات السينمائية. تتجلّى مثلا في مشهد الاغتسال، ترنيمة سينمائية، تُقاس بمسافتها في الزمن، بالأبيض والأسود، تخترقها حُمرة “الزغلام”، وموسيقى الماء المنهمر من الإناء وتساقط الأوحال بإيقاع بطيء، وعميق. وبين الراويين، يدخل الخطاب، والمونولوغ، يحركان الكلام، ويكشفان عن خفايا الشخصيات، وأحيانا تأتي المونولوغات ليس فقط كبطاقات تعريف للشخصيات، بل لتسرد أمورا تخفت عنها، أو لتدفع السرد إلى التعقيد وكذلك إلى التجسيد الحي والنابض. فتظهر داخل المونولوغ تناقضات الصويعي، تعقيدات حمد، تلاعب برغوث ومراوغات التركيب والمونتاج. لا أتصور أن الرواية قد كتبت وفق تقطيع طبيعي، بل كتبت وقُطعت وفق تقطيع سينمائي مُحكم، وداخل تلك التقطيعات أو المقاطع السينمائية (فلاش باك، مراوغة، استباق، حلم كابوس، تخيل، توقع، رسالة من ميت).

يدخل حمد باب السرد، في روايته لمشهد موكب دفن أخته ناجية، وتنحو الرواية، مراوحة فريدة بين موكبين متناقضين: العرس والموت، بشكل متداخل. وبعدها يعود في المقطع الموالي “حمد نفسه”، ليصف حفلة العرس. وهذه المراوحة هي تفنن في التلاعب بالزمن، تقديما وتأخيرا، وكلاهما يحضر على أنه ما يحدث الآن. وهذه العودة إلى مشهد العرس هي التي سيلتقي فيها حمد بمرضية التي نهبت عقله. يسترد حمد رواية السرد بعد عودته من العرس وإصابته بالحمّى، حمّى العشق.

 بين المسرح والسينما، تزدان أرضية السرد باللغة البدوية المتلائمة مع الشخوص ومع المكان ومع بيئة الراوي وذاكرته اللغوية. ويحضر المجاز راسما استعارات مكثفة وجيزة في لغة تحضر ضمن جمل قصيرة متحررة من المقاطع الكبرى مثل بيت مرتكز على ربوة بعيدة وشاهقة.

نقرأ “الليل ستار لعيوب الأنفس في المآتم، الأبواب بلا مفاتيح والديار مدائن بلا حصون، الناس في الريف خيول مهملة في محمية مترامية الأطراف، أيقن أن الفؤاد مضغة تقع بين القلب والروح، كان كمن يُومئ في الظلماء في وجه أعمى، سكينة العرائس تغلب عليها رهبة الترقب والانتظار هذا الفجر عاهر أكثر مما كنت أظن”.

مرضية صورة المرأة

عنوان الرواية “بغل برغوث”، لأن البغل هو الذي أشعل فتيل السرد، وأشعل فتيل العشق، فجعل الصويعي يلتقي مرضية، وهو وسيلة الهروب إلى قفصة، مورد رزق مرضية، أداة فرج في تهريب السلاح، جندي من جنود الثورة. هو “بغل هجين”، “موش صافي”، يشرب ولا يرتوي، وهو الذي اقتلع سماء النوري للأبد، لا ينقاد لأحد إلا لمرضية. هو الخيط الناظم للسرد، لكن لعبة السرد الأولى هي مرضية.

منذ أن تدخل مرضية السرد، تدخله بشحمها ولحمها، تتمايل في دلالها وغنجها، امرأة اعتلت الأرض كما يجب، “كسحابة ممتلئة، تتثنى على مهل”، يصفها الراوي كما رآها الصويعي في لوحة تشكيلية، كالتالي “طويلة بيضاء كالشمس، كأنما وجهها دهن بالسمن، أعلاها خفيف وأسفلها كثيف، يكاد خصرها يختنق من ثقل أردافها”. هي إرادة اقتدار تجسدت في هيئة امرأة تحدت الموت والأعراف والتقاليد، لا تعرف للحزن مقاما، خطر داهم يمكن استشعاره عن بعد، تهز البدن والروح، “رعشة لا يعرف مداها إلا الله”، لذلك كانت قد أصابت سهامها “الصويعي”، وحمد وفرج وحتى “العيفة” نفسه أقام لها التحسب والخشية. وكان قلب الطفلة “منصورة” يستشعرها خطرا يداهم هدوء أمها ليلة تغيّب والدها.

هي ابنة الريف، ابنة دوار البراغثية، لكنها مختلفة. لا تُشبه إلا نفسها، ورغم قوتها، فصوتها أنثوي ناعم، لكن فرط فيها رجال الدوار لأنها لا ترضخ ولا تنحني ولا تُطيع أحدا إلا برغبتها. يسكنها “كوناتوس” (Conatus) الفرح ولو كانت في مأتم، ممتدة في عنادها مثل السراب، يعتليها الفرح جسدا وروحا، كثبانها مثل الصحراء، لا تنحني إلا للمريدين والعاشقين والمولعين بالحياة والفرح.

هنا يصفها الراوي بأنها “مفتونة بأنوثتها حتى في لحظات الفزع”، هي لا تنصب فخاخها إلا للحياة، تصطاد الحياة حيثما كانت، تُعلم القارئ أن يُحبها، تُدمر كل الوُجوه الأخرى الضعيفة للمرأة، تستولي على فطنة السرد، على غواية الصورة، في قُوتها سرد وخطاب وهمس وإيماء، وحتى في سباتها لا ترحم، تشتعل مقاومة وذكاء وتدميرا، هي “السحابة الماطرة” في الرواية كلها، وكل من خالفها “سحاب كاذب”، مستقلة ماديا، تُنفق على نفسها، تُعيل الرحلة والسفر وتُعيل “حمد” في خرابه الأخير، لم تتخلّ عنه، في أقصى المصاعب التي داهمته، وغرست أنيابها جهرا في لحم من اغتابوها، اشتغلت في أماكن يصعب العمل فيها وغامرت ليلا وشتاء وعزلة، واصطبرت على قحط الحب في عشها، وآمنت أنها لا تفعل إلا ما تُريد هي أن تفعل.

 فضحت “مرضية” عقدة الذكورة، هم لا يتقدمون لخطبتها رغم فتنتها، خشية من شرودها عنهم. مرضية، حملت دون وعي منها، دفاعها عن المرأة القوية والحرة التي تخدش في قيمها، لأنها آمنت بنفسها، وأنها ند للرجل في كل شيء، اقتصاديا واجتماعيا وعاطفيا وسياسيا، فهي التي لا تقبل أن يقرر في مكانها أحد.

مرضية تتبدل كالحرباء، كأنها لوحة مُثيرة، تتحدى اللغة، تحمّلها في السرد ما لا تحتمل، تخترق المجاز والاستعارات، لتحضر صورة وصوتا ورائحة: هي تحت الشمس “تُشع كأنها دُهنت سمنا، لكنها في ظلام الليل تصبح أحلى، نكاد نشم عطرها ونسمع إيقاع أساورها”، ويحدث مشهد ركوبها وانقياد البغل لها، مفارقة بصرية، تدفع بالقارئ الى استكمال الرحلة وراءها، على إيقاع السير ونبض الجسد المنقاد.

تدخل مرضية في مغامرة نقل الأسلحة دون علمها بالتفاصيل، لكنها حالما عرفت، أرادت كشف العملية السياسية، لكن صارت الأحداث عندما عزمت على إخبار الأمن. ظهرت “مرضية” في صورة المغامرة، المندفعة حتى التهور، وهذه المبالغة هي الزمن الذي كان مناسبا لتنظيم الهجومات. لكنها رفضت مسايرة أوامر “فرج” للإطاحة بالعقيد “لا أستطيع أن أرغم نفسي على شيء لست مقنعة به أو أن تجبروني على شيء ليس من طبعي. أنا لا أكون إلا حيثما أريد أن أكون…”. وحتى أمام جنون “حمد” زوجها… ظلت قوية ومتماسكة. “لم تكن تشعر بالضعف طيلة حياتها، كانت دائما هي المسيطرة، هي المتحكمة في كل التفاصيل”.

في آخر الرواية، ينهض الراوي مُدافعا عن صورة “مرضية”، التي اختلطت تفاصيلها في ذهن القراء، وبعد خصومتها مع “فرج” ورفضها استمالة العقيد: “مرضية لم تكن مُومسا…إنها ليست من الصنف الذي يُباع ويُشترى. حتى عندما عقدت معهم هذه الصفقة، إنما كانت تُقدم خدمة مقابل خدمة، مقابل المال…شغل وبزنس ليس أكثر، أما جسدها فهو ملك لها. كل ما كانت تفعله ينبع من قناعاتها.. ينبع من داخلها، من رأسها. رأسها فقط سيدها وسيد مواقفها”.

ثم يعطيها الكلمة والخطاب مباشرة لتقول: “أنا مرضية بنت برغوث، خُلقت حرة وأموت حرة، وأتحمل مسؤوليتي كاملة في كل ما أملاه علي رأسي”.

وبعد الخراب الذي حل بكل شيء، وموت “حمد”، تتعطر وتتزين للحياة، تُعدل من هيئتها وتسريحتها، وتحدق في المرآة راسمة لنفسها طريقا جديدا، قوامه الإرادة النيتشوية المقتدرة و”كوناتوس” الجسد الممتلئ فرحا ومرحا وأملا.

08 سبتمبر 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة