المجتمع

الهجرة إلى الشمال.. عنوان صفقات الأهلي المصري في الموسم الجديد
الهجرة إلى الشمال.. عنوان صفقات الأهلي المصري في الموسم الجديد
قبل أيام قليلة من افتتاح موسمه الكروي الجديد السبت المقبل بلقاء غورماهيا الكيني في الدور التمهيدي لمسابقة كأس رابطة الأبطال الأفريقية، أنهى نادي الأهلي المصري صفقاته في موسم الانتقالات الصيفية الحالية بعد نجاحه في إبرام 4 تعاقدات بمعدل لاعبين مصريين ولاعبين من المغرب.

وأعلن الأهلي انضمام المدافعين الدوليين المغربيين يحيى عطية الله وأشرف داري، إلى جانب المصري عمر الساعي نجم الإسماعيلي، ويوسف أيمن لاعب الدحيل القطري الذي يحمل الجنسية المصرية، بينما لا تزال المفاوضات مستمرة مع التونسي محمد علي بن رمضان في انتظار التأكيد أو الإلغاء قبل موعد غلق باب القيد الأفريقي رسميا في الثاني عشر من شهر سبتمبر الحالي.

وأثارت التعاقدات حالة من الجدل بين جماهير الأهلي على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى البعض أنها لم ترق إلى مستوى التطلعات ولا تتناسب مع التحديات التي تنتظر الفريق الأحمر في الموسم الجديد، ومنها الدفاع عن لقبي الدوري المصري ودوري أبطال أفريقيا اللذين حققهما في الموسم الماضي، إلى جانب مشاركته المنتظرة في النسخة الأولى من كأس العالم للأندية، فضلا عن بطولة الإنتركونتننتال المستحدثة التي سوف يستهل المشاركة فيها في أكتوبر المقبل باستضافة الفائز من لقاء العين الإماراتي وأوكلاند سيتي النيوزيلندي.

دعم مونديالي

وتركزت الانتقادات على أن الأهلي لم يعوض النجوم الذين رحلوا عن صفوفه بنهاية الموسم الماضي وتعزيز صفوفه بلاعبين جيّدين يمكن أن يقدّموا الإضافة للفريق في مشاركاته الدولية، فلم يضم النادي جناحا بديلا للاعب أحمد عبدالقادر المعار إلى نادي قطر القطري، ولم يعوض نجم خط الوسط المالي أليو ديانغ الذي رحل نحو نادي الخلود السعودي، ولم يضم رأس حربة صريح بدلا من الفرنسي أنتوني موديست الذي انتهى عقده.

ويرى آخرون أن التعاقدات التي تمت، جيدة خصوصا المغربيين داري وعطية الله اللذين سبق لهما اللعب في أعلى المستويات وتحديدا المشاركة في مونديال قطر الماضي مع منتخب أسود الأطلس، وما ينقص الفريق فقط هو حسم صفقة التونسي محمد علي بن رمضان نجم فرينكفاروزي المجري أو بديل في نفس مستواه لتدعيم خط الوسط.

كما أن الأهلي نجح بلاعبيه المحليين مع التونسي علي معلول فقط في حصد دوري أبطال أفريقيا والدوري المحلي إلى جانب تقديم مستويات قوية في مونديال الأندية الماضي والفوز على فريق اتحاد جدة المدجج بالنجوم على أرضه ووسط جماهيره، رغم غياب بقية محترفي الأهلي الأجانب مثل بيرسي تاو الجنوب أفريقي وأليو ديانغ المالي ورضا سليم المغربي عن معظم فترات الموسم بسبب الإصابات.

ولا يزال موقف صفقة بن رمضان يشوبه الغموض، فبينما أكد مصدر في النادي الأهلي أن اللاعب وقّع بالفعل على عقود انضمامه للقلعة الحمراء ولم يتبق سوى إنهاء بعض النقاط الخلافية مع ناديه المجري قبل الإعلان رسميا عن ضمه، قام فرينكفاروزي بخطوة مفاجئة حين قام بقيد الدولي التونسي في قائمة فريقه المشارك في الدوري الأوروبي، وسط معلومات أشارت إلى طلب النادي المجري تأجيل التفاوض بشأن بن رمضان إلى انتقالات يناير المقبل كي يكون موقف الفريق قد توضح من استكمال البطولة الأوروبية أو الخروج من مرحلة المجموعات.

ويدشن الأهلي موسمه الجديد رسميا السبت المقبل، حينما يلتقي فريق غورماهيا الكيني في الدور التمهيدي لدوري أبطال أفريقيا، ثم يجرى لقاء العودة في السبت الذي يليه، وبعدها يلتقي مع غريمه التقليدي نادي الزمالك المصري في مباراة السوبر الأفريقي التي ستقام في العاصمة السعودية الرياض في السابع والعشرين من سبتمبر الجاري.

وعاش الأهلي صيفا ساخنا، على الرغم من تتويجه بكل البطولات المحلية والقارية التي خاضها في الموسم الماضي، باستثناء كأس مصر الذي اعتذر عن المشاركة فيه، والإخفاق في الفوز بلقب السوبر الأفريقي بعد هزيمته من اتحاد العاصمة الجزائري بهدف نظيف، كما احتل المركز الرابع في مونديال الأندية الأخير.

وهبت الرياح الساخنة مع قرار مجلس الإدارة برئاسة محمود الخطيب حل لجنة التخطيط التي كانت هدفا للانتقادات طوال السنوات الماضية بسبب عدم وضوح دورها في ملف التعاقدات مع لاعبين جدد أو الاستغناء عن لاعبين في الفريق.

وقرر المجلس الاستغناء عن مترجم المدرب السويسري مارسيل كولر بعد اتهامه بالتدخل في أمور فنية بعيدة عن عمله، وتسريب ما يحدث من نقاشات داخل غرف تغيير الملابس إلى وسائل الإعلام، وتزامن ذلك مع قبول اعتذار خالد بيبو مدير الكرة عن عدم الاستمرار في منصبه وسط أنباء عن أن ابتعاده جاء تلبية لطلب متكرر من المدرب السويسري الذي رأى أن مدير الكرة لا يقوم بعمله ما يضع عليه عبئا إضافيا بمتابعة التفاصيل الإدارية إلى جانب عمله الفني.

هناك ثلاث ملاحظات تميز صفقات الأهلي، الأولى: تتمثل في التوجه الواضح لإدارة القلعة الحمراء نحو لاعبي شمال أفريقيا على حساب اللاعبين من جنوب القارة وغربها الذين كانوا الرافد الرئيسي لفريق الأهلي لسنوات طويلة.

والملاحظة الثانية: أن النادي بات مستقبلا لهجرة اللاعبين العكسية من أوروبا إلى مصر، والثالثة: أن الأهلي هو النادي المصري الوحيد تقريبا الذي يحقق ربحا في صفقات بيع وشراء اللاعبين في عصر تعيش فيه بقية الأندية وضعا ماديا مأزوما. وعبارة موسم

◙ المقابل المادي الذي يحصل عليه اللاعبون في الأهلي المصري لا يقل عما يتقاضونه في الأندية المتوسطة في أوروبا

الهجرة إلى الشمال المستقاة من عنوان الرواية الأشهر للأديب السوداني الطيب صالح، فرضت نفسها على تعاقدات الأهلي في الفترة الأخيرة، حتى أنه لم يتعاقد مع لاعب أفريقي من أصحاب البشرة السمراء منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات ونصف السنة وتحديدا في انتقالات صيف 2021 حين ضم النادي بيرسي تاو الجنوب أفريقي ولويس ميكيسوني التنزاني.

وهذا الشغف بلاعبي شمال أفريقيا تكرس كما يقول علاء نبيل المدير الفني لاتحاد الكرة المصرية في تصريحات خاصة لـ”العرب” بسبب “التألق الواضح للاعبين في الملاعب المصرية، مثل التونسي علي معلول مع الأهلي، والمغربي أشرف بنشرقي مع الزمالك، فضلا عن المغربيين محمد الشيبي ووليد الكرتي مع فريق بيراميدز، وقبلهم التونسي فخر الدين بن يوسف الذي تنقل بين أكثر من نادي ينشط في الدوري الممتاز في مصر، والتونسي سيف الدين الجزيري مع الزمالك”.

ويضيف علاء نبيل “أمام هذا الوضع لم يعد معروضا على الأندية المصرية من اللاعبين الأفارقة سوى لاعبين فرز ثان وثالث، بينما في المقابل تجد نفس الأندية فرصة متاحة للتعاقد مع نجوم متألقين من دول المغرب العربي، بدليل أن بعض المحترفين في الدوري المصري يلعبون للمنتخبات الوطنية في بلادهم، مثل معلول والجزيري والجزائري أحمد قندوسي (لاعب الأهلي المعار لفريق سيراميكا كليوباترا) والشيبي، وقبلهم التونسي فرجاني ساسي، وغيرهم”.

وكان هناك ترحيب متبادل من لاعبي المغرب العربي باللعب في الدوري المصري ومع الأهلي بشكل خاص لأكثر من سبب، منها المقابل المادي الجيد، والشهرة التي يمكن أن يحصدها اللاعب حال نجاحه مع الأندية المصرية خصوصا الشعبية منها مثل الأهلي والزمالك.

ومن أسباب توجه الأهلي بشكل خاص ومعه عدد غير قليل من الأندية المصرية نحو اللاعبين المنتمين لدول المغرب العربي ضعف مستوى اللاعبين الأفارقة المتاحين في سوق الانتقالات في السنوات الأخيرة، بعدما نجحت الأندية الأوروبية الكبيرة في إقامة أكاديميات كروية للمواهب في معظم دول القارة، سهلت عليها اكتشاف المواهب الكروية في سن صغيرة وخطفها للاحتراف المبكر في أوروبا.

وساعدت سهولة تأقلم اللاعبين العرب مع أجواء الحياة في مصر والتفاهم بينهم وبين المصريين بحكم نشأتهم في مجتمعات قريبة الشبه ومعرفتهم باللغة العربية كانت من العوامل المحفزة للأندية المصرية على توجيه أنظارها نحو دول شمال أفريقيا بدلا من اللاعبين القادمين من دول جنوب الصحراء الذين يحتاجون إلى وقت غير قليل من أجل التكيف مع الحياة في مصر.

الهجرة العكسية

تبدو ظاهرة الهجرة العكسية التي يشهدها الأهلي مع اللاعبين المحترفين واضحة، فبعد أن كان النادي محطة يعرض من خلالها اللاعبون الأفارقة أنفسهم لجذب الأندية الأوروبية، بات مستقرا للاعبين العائدين من القارة العجوز، وبدأت تلك الظاهرة قبل ثلاثة أعوام حين استقبل النادي لاعبه الجنوب أفريقي بيرسي تاو قادما من فريق برايتون الإنجليزي. وتكرست في السنوات التالية الظاهرة حين تعاقد النادي في صيف العام الماضي مع الفرنسي أنتوني موديست قادما من بروسيا دورتموند الألماني، ثم بلغت ذروتها في موسم الانتقالات الحالي باستقطاب المغربيين أشرف داري من نادي بريست الفرنسي، ويحيى عطية الله من فريق سوتشي الروسي، بخلاف المفاوضات القائمة مع الفريق المجري فرينكفاروزي لضم لاعبه التونسي محمد علي بن رمضان.

ومن بين أسباب هذه الظاهرة، كما يقول أحمد بلال لاعب الأهلي السابق، الشعبية الكبيرة للنادي المصري في أفريقيا والعالم بفضل هيمنته على دوري أبطال أفريقيا ومشاركته شبه المستمرة في مونديال الأندية، ما يضمن للاعبين المنضمين له عدم انحسار الأضواء عنهم، بل على العكس فإنهم يكونوا مرئيين لمدربي منتخبات بلادهم ووسائل الإعلام بدرجات تفوق كثيرا الأضواء التي تسلط عليهم وهم يلعبون في فرق الدرجة الثانية أو في دوريات هامشية في أوروبا مثل بلجيكا والمجر وبولندا وروسيا وغيرها.

◙ الأهلي ومجلس إدارته يمثل واحة استثمارية ناجحة وسط محيط من الفشل ويكفي أن “الفيفا” قرر إيقاف الانتداب في 7 أندية مصرية

كما أن المقابل المادي الذي يحصل عليه هؤلاء اللاعبون لا يقل عما يتقاضونه في الأندية المتوسطة في الدوريات الأوروبية، وإذا أضفنا مكافآت الفوز المستمر في الأهلي يمكن أن يرتفع دخلهم عما كانوا يحصلون عليه في أوروبا، وهناك سبب أخير هو تواضع مستوى التنافس في الدوري المصري وفي أغلب مباريات دوري أبطال أفريقيا ما يزيد فرص اللاعب في التألق ويخفف عنه ضغوط التنافس القوي في البطولات الأوروبية.

ويمثل الأهلي ومجلس إدارته واحة استثمارية ناجحة وسط محيط من الفشل، ويكفي أن “الفيفا” قرر إيقاف الانتداب في 7 أندية مصرية في موسم الانتقالات الحالي بسبب تراكم الديون والإخفاق في سداد مديونياتها للاعبين والمدربين، علما بأن ناديي الزمالك والمصري كانا ممنوعين بدورهما من الانتداب قبل أن ينجحا في رفع حظر الانتداب عنهما خلال الأيام الماضية فقط.

والأهلي هو النادي الوحيد في مصر تقريبا الذي استطاع أن يحقق أرباحا في سوق الانتقالات الحالي، بعدما جنى حوالي 4.2 مليون يورو من بيع مدافعه محمد عبدالمنعم لنيس الفرنسي، ونصف مليون دولار مقابل إعارة جناحه أحمد عبدالقادر لقطر القطري، و350 ألف دولار نظير إعارة لاعبه التونسي محمد كريستو إلى النادي الصفاقسي، وجنى 550 ألف دولار من الخلود السعودي لاستعارة المالي أليو ديانغ بإجمالي يصل 6 ملايين دولار (اليورو يبلغ 1.11 دولار تقريبا).

ودفع النادي 1.9 مليون يورو مقابل شراء أشرف داري، و250 ألف يورو لاستعارة يحيى عطية الله، بينما بلغت صفقة المصري عمر الساعي حوالي مليون دولار بخلاف 229 ألف دولار لاستعارة المصري يوسف أيمن من الدحيل القطري بإجمالي يتجاوز قليلا ثلاثة ملايين و800 ألف دولار.

08 سبتمبر 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة