ليست الحرب وحدها التي تنغص على اليمنيين حياتهم، فالفيضانات والسيول التي تعرضت لها بعض المحافظات اليمنية فاقمت معاناتهم، وشكّلت مصدر قلق بعد أن حصدت أرواح العشرات وتسببت في تدمير الآلاف من المساكن وتشريد مئات الآلاف من الأسر.
ولقي أكثر من 112 شخصا مصرعهم وأصيب 600 آخرون جراء الفيضانات التي تجتاح اليمن منذ مطلع العام 2024، بحسب إحاطة لمسؤولين أمام مجلس الأمن الدولي.
وأعلنت ليزا دوتن مديرة قسم التمويل والشراكات بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في إحاطة أمام المجلس مصرع 98 شخصا جرّاء السيول ومقتل 14 آخرين جراء الصواعق الرعدية، منذ مطلع العام الجاري.
وقالت دوتن إن الأمطار الغزيرة والفيضانات ضربت عدة محافظات يمنية ما أدى إلى تأثر حوالي 695 ألف أسرة بشكل مباشر، فقدت منازلها ومصادر رزقها.
وأوضحت المسؤولة الأممية أنّ “الشركاء الإنسانيين قدموا مساعدات فورية منقذة للحياة، بما في ذلك الغذاء والمياه ومستلزمات النظافة ودعم المأوى للأسر المتضررة، وتسليم الإمدادات الطبية الحرجة للمستشفيات والمراكز الصحية مع نشر العشرات من فرق الصحة المتنقلة في المناطق المتضررة”.
لكنّها حذرت من أنّ “الافتقار إلى التمويل الكافي لا يزال يقوض هذه الجهود وغيرها لمعالجة الاحتياجات الحرجة في جميع أنحاء اليمن”.
وأعلنت جماعة الحوثي من جهتها مصرع 86 شخصا وتضرر أكثر من 33 ألف أسرة جراء سيول ضربت منذ مطلع أغسطس الجاري محافظات الحديدة وحجة وريمة غربي البلاد.
وأتت الفيضانات والسيول الجارفة على منازل أكثر من 38 ألفا و285 أسرة يمنية منذ مطلع الشهر الجاري في محافظات الحديدة وحجة غربا، وتعز بجنوب غرب البلاد، ومأرب شرقا وصعدة شمالا، بحسب الأمم المتحدة التي توقعت أن تستمر الظروف المناخية القاسية في البلد حتى سبتمبر المقبل.
وقال أوتشا باليمن في تقرير “على مدى الأسابيع الماضية تسببت الأمطار الغزيرة والفيضانات واسعة النطاق في إتلاف منازل وملاجئ المجتمعات المضيفة والنازحين، وتأثرت البنية التحتية العامة بما في ذلك المدارس والطرق والمرافق الصحية”.
وأضاف أن آلية الاستجابة السريعة التابعة للأمم المتحدة قدمت منذ أواخر يوليو الماضي مساعدات لـ8 آلاف و542 أسرة متضررة من الفيضانات والسيول.
والأحد الماضي قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الفيضانات الكارثية التي ضربت اليمن أثرت على أكثر من 294 ألف شخص.
أكثر من 112 شخصا لقوا مصرعهم وأصيب 600 آخرون جراء الفيضانات التي تجتاح اليمن منذ مطلع العام 2024
وأوضح المكتب ذاته أن الأمطار الغزيرة والسيول التي اجتاحت البلاد خلال الأسابيع الماضية أثرت على 51 ألف أسرة، معظمها من النازحين.
وأضاف في تقرير أن محافظتي مأرب وحجة هما الأكثر تضررا، في حين لم تكتمل عمليات التقييم في باقي المناطق المتضررة.
وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من جهتها عن تضرر نحو 180 ألف شخص جرّاء سيول اليمن منذ مطلع أغسطس، مبينة أنّه مع توقع استمرار هطول الأمطار الغزيرة خلال شهر سبتمبر القادم ستكون الحاجة ماسة إلى 4.9 مليون دولار أميركي لرفع مستوى وتوسيع نطاق الاستجابة الطارئة.
وأفادت المنظمة في بيان باستمرار هطول الأمطار وتدفق السيول الكارثية في اليمن معمّقة معاناة العائلات التي تعاني تداعيات الفقر والجوع والصراع المستمر.
ويواصل صندوق الأمم المتحدة للسكان وصندوق الأمم المتحدة للطفولة وبرنامج الغذاء العالمي تقديم المساعدات المنقذة للحياة إلى أكثر الأفراد تضررا، من خلال آلية الاستجابة السريعة للأمم المتحدة.
ومن جانبها قالت السلطات اليمنية المعترف بها دوليا، في تقرير صادر عن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، إن عدد الأسر النازحة المتضررة من السيول في محافظة مأرب ارتفع إلى أكثر من 12 ألف أسرة تعيش ظروفا بالغة التعقيد، منذ مطلع أغسطس الجاري.
وأدت السيول إلى تضرر سبعة مدارس كليا وخمس عشرة مدرسة جزئيا، فضلا عن تضرر ثلاثة مرافق صحية، حسب المصدر نفسه.
وفي ما يتصل بالأضرار البشرية أشار التقرير الحكومي إلى وفاة ثمانية نازحين، منهم أربع نساء وطفل، إضافة إلى إصابة أربعة وثلاثين آخرين.
وحول وضع النازحين حاليا أفاد التقرير بأنهم يعيشون ظروفا إنسانية سيئة بالغة التعقيد، حيث أن التدخلات الإنسانية بلغت 12 في المئة فقط من إجمالي الاحتياجات.
وبدت المنظمات الدولية عاجزة عن تغطية احتياجات المتضررين من السيول إلا من الدعم القليل، ما حدا بها إلى توجيه دعوات للمانحين الدوليين للإسراع بإغاثة المتضررين.
ودعت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، المانحين الدوليين إلى تقديم 25 مليون دولار بشكل عاجل لإغاثة المتضررين من السيول في اليمن.
وجاء ذلك في منشور لكتلة المأوى التابعة لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عبر منصة إكس، وأعاد نشره الحساب الرسمي للمفوضية والمكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن.
وقالت الكتلة “نداء عاجل من أجل اليمن، لقد أثرت الفيضانات الكارثية على أكثر من 294 ألف شخص”. وأضافت “قدم شركاؤنا مساعدات منقذة للحياة إلى 67 ألفا و500 شخص، ولكن لا تزال هناك فجوة تمويلية بقيمة 25 مليون دولار”.
ووجهت الكتلة الأممية مناشدتها للمانحين بالقول “دعمكم يمكن أن ينقذ الأرواح.. تبرعوا الآن”.
ومنذ مطلع الشهر الجاري ازدادت كمية الأمطار الغزيرة في اليمن، ما أدى إلى وفاة العشرات، وتضرر الكثير من السكان، خصوصا من يعيشون في مخيمات النزوح.
ويعاني اليمن ضعفا شديدا في البنية التحتية، ما جعل تأثيرات السيول تزيد حدة مأساة السكان الذين يشتكون هشاشة الخدمات الأساسية جراء تداعيات حرب أهلية بدأت قبل نحو 10 سنوات.