تقارير

أوضاع صعبة تكرس ارتباك المشهد في مناطق الشرعية اليمنية
أوضاع صعبة تكرس ارتباك المشهد في مناطق الشرعية اليمنية
تطال الأزمة المتفاقمة في المناطق التابعة للسلطة الشرعية اليمنية اثنين من أكثر الملفات حساسية وإثارة لغضب الشارع وتوتيرا للأجواء بين الشركاء المشكّلين لتلك السلطة.

ويتعلّق الأمر بأزمة الغذاء التي قالت الأمم المتّحدة إنّها بلغت مستويات حرجة للغاية، وأزمة الطاقة القائمة منذ فترة في العاصمة المؤقتة عدن وبدأت بالانتقال إلى حضرموت أكبر محافظة في الجنوب مع الإعلان عن توقّف إنتاج الوقود اللازم لتوليد الكهرباء.

وليست مثل تلك الأزمات من دون تأثير على أوضاع السلطة التي يقودها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي وتماسكها الداخلي، حيث كثيرا ما يتسبب عدم قدرة الحكومة التابعة لها على إدارة الشأن العام للمناطق الراجعة لها بالنظر وتوفير الضرورات لسكانها في تذمّر أبرز شريك للسلطة؛ المجلس الانتقالي الجنوبي صاحب النفوذ الرئيسي في مناطق الجنوب وصولا إلى تهديده بفض الشراكة.

وتنطوي أزمة الطاقة الناشئة في حضرموت على مخاطر استثنائية على استقرار المحافظة التي تشهد أصلا منذ أيام حالة من الغليان الذي تقوده قبائل محلية للمطالبة باستخدام موارد النفط المنتج محليا في تحسين أوضاع السكان. وحذر فريق عمل تابع للأمم المتحدة، الأحد، من تزايد معدلات سوء التغذية بشكل حاد في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية وبلوغها مستويات “حرجة للغاية”.

وقال فريق العمل الفني للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في اليمن “ارتفع عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد أو الهزال بنسبة 34 في المئة مقارنة بالعام السابق في جميع مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، ممّا يؤثر على أكثر من 600 ألف طفل من بينهم 120 ألفا يعانون من سوء التغذية الحاد”.

وأكد فريق العمل في بيان صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف أنّ هذا الارتفاع الحاد “يُعزى إلى التأثير المركّب لتفشّي الأمراض (الكوليرا والحصبة)، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، ومحدودية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب والتدهور الاقتصادي”.

وشمل المسح الأخير 117 من مناطق سيطرة الحكومة اليمينية، مشيرا إلى أنّ من المتوقع أن تشهد مستويات خطرة من سوء التغذية الحاد خلال الفترة التي تمتد حتّى شهر أكتوبر القادم. وقال ممثل يونيسف في اليمن بيتر هوكينز إنّ التقرير يؤكد “وجود اتجاه مقلق لسوء التغذية”، وذلك في وقت اضطرّت منظمات دولية إلى تقليص عملياتها في البلاد بسبب نقص التمويل.

◙ ما يضاعف من صعوبة موقف الشرعية اليمنية أنّ مناطقها مشمولة أيضا بآثار الفيضانات المدمّرة التي ضربت العديد من مناطق البلاد مؤخرا

وما يضاعف من صعوبة موقف الشرعية اليمنية أنّ مناطقها مشمولة أيضا بآثار الفيضانات المدمّرة التي ضربت العديد من مناطق البلاد خلال الفترة الأخيرة. ودعت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الأحد، المانحين الدوليين إلى تقديم 25 مليون دولار بشكل عاجل لإغاثة المتضررين من السيول في اليمن.

وجاء ذلك، في منشور لكتلة المأوى التابعة للمفوضية عبر منصة إكس، وأعاد نشره الحساب الرسمي للمفوضية والمكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية باليمن. وقالت الكتلة “نداء عاجل من أجل اليمن: لقد أثرت الفيضانات الكارثية على أكثر من 294 ألف شخص. وقدم شركاؤنا مساعدات منقذة للحياة إلى 67 ألفا و500 شخص، ولكن لا تزال هناك فجوة تمويلية بقيمة 25 مليون دولار”.

ومنذ مطلع الشهر الجاري، ازدادت كمية الأمطار الغزيرة في اليمن، ما أدى إلى وفاة العشرات، وتضرر الكثير من السكان، خصوصا من يعيشون في مخيمات النزوح. وأعلنت مديرة قسم التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ليزا دوتن أواخر الأسبوع الماضي ارتفاع عدد قتلى السيول في اليمن منذ مطلع العام الجاري إلى 98 شخصا، فضلا عن إصابة 600 آخرين.

وبشأن أزمة الوقود أعلنت شركة بترو مسيلة لإنتاج واستكشاف النفط المملوكة للدولة اليمنية، الأحد، إيقاف وحدة تقطير الديزل التي يجري تخصيص جزء منها لتزويد محطات توليد الكهرباء في محافظة حضرموت.

وقالت الشركة، وهي كبرى الشركات المنتجة للنفط باليمن في خطاب وجهته إلى شركة النفط اليمنية والمؤسسة العامة للكهرباء في ساحل ووادي حضرموت، إن الإيقاف يعود “لظروف قاهرة” إلى جانب “عدم سحب الكميات المقررة والمتفق عليها، واستلام قيمة التكرير المدعومة ولتقليل الخسائر التي تتحملها الشركة”.

وأكدت مصادر محلية وحكومية في حضرموت لوكالة رويترز أن الشركة أوقفت وحدة تقطير الديزل ردا على منع حلف قبائل حضرموت لشركة النفط الحكومية من بيع الديزل والسماح فقط بالكميات المخصصة لتوليد الكهرباء أو بيعه بما لا يتجاوز 3.5 دولار لصفيحة الديزل سعة 20 لترا وهو نصف السعر الحالي.

وسمح حلف قبائل حضرموت منتصف الأسبوع الماضي بمرور كميات محددة من مادة الديزل من شركة بترو مسيلة والمخصص لمرافق الخدمات العامة إلى كافة مناطق المحافظة الشرقية، وتحت إشرافه. ويطالب الحلف بتنفيذ القرارات المتخذة من مؤتمر حضرموت الجامع في 13 يوليو الماضي وهي مطالب مرتبطة بالخدمات والشأن الإداري بالمحافظة.

وذكرت بترو مسيلة في بيانها أنها “لا تتلقى أي نفقات تشغيلية من الدولة منذ أكثر من سنتين”، وأكدت أن شركة النفط اليمنية، بفرعيها في الساحل والوادي لا تستطيع في الحالة الراهنة سحب وتسويق مادة الديزل بصورة اعتيادية ومستمرة لعدم قدرتها “على تحمّل التكاليف الباهظة الناتجة عن هذا التوقف”. وكانت مدن المحافظة قد شهدت في الأشهر القليلة الماضية احتجاجات غاضبة وقطعا للطرق بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء وخاصة في فصل الصيف.

19 أغسطس 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة