المجتمع

السيسي يتدخل لحل أزمات الرياضة على وقع انتقادات متصاعدة
السيسي يتدخل لحل أزمات الرياضة على وقع انتقادات متصاعدة
تصدرت أزمات الرياضة المصرية اهتمامات الرأي العام عقب تفجر مشكلات أثناء دورة الألعاب الأولمبية التي اختتمت في باريس مؤخرا، وسبقتها وفاة لاعب كرة القدم أحمد رفعت وما خلفته من ضجة، وتوجيه انتقادات لبعض المسؤولين عن الرياضة تحمل في خلفياتها أبعادا سياسية طالت الحكومة وبعض المؤسسات في الدولة، وهو ما أدى إلى تدخل الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وطالب الرئيس المصري بإجراء تقييم شامل لأداء الاتحادات الرياضية التي شاركت في جميع المسابقات بدورة الألعاب الأولمبية، كما وجه بإحالة ملف وفاة أحمد رفعت لاعب نادي “مودرن سبورت” إلى النيابة العامة بعد تحقيقات أجرتها وزارة الشباب والرياضة، وطالب باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لكشف أيّ تجاوزات بما يضمن تحقيق العدالة ومحاسبة من تثبت مخالفته للقانون.

وقال المتحدث باسم الحكومة المصرية محمد الحمصاني، الخميس، إنه جرى تكليف وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي بإعداد تقرير بالتعاون مع الجهات الرقابية المعنية حول الاتحادات الرياضية التي شاركت في الأولمبياد، وأن التقرير سيكون شاملًا ويوضح ما إذا كان هناك قصور يحتاج إلى التعامل معه.

نتائج أولمبياد باريس أثارت الغضب على مسؤولي الرياضة، وتضمن ذلك اتهامات للحكومة بالإخفاق في قطاع هو الأكثر شعبية

وحصدت مصر ثلاث ميداليات أولمبية فقط، وتعرضت بعثتها لمشكلات بدأت قبل سفرها مع ضم لاعبة موقوفة محليا بلعبة سباق الدراجات قبل أن يتم استبعادها فيما بعد، وفجر استبعاد يمنى عياد من منافسات وزن 54 كلغ للملاكمة ضجة بسبب زيادة في وزنها على الميزان الرسمي.

ولم تحقق البعثة الأولمبية المصرية -والتي ضمت 164 لاعبا في 22 رياضة في أولمبياد باريس بواقع 148 لاعبا ولاعبة أساسيين و16 لاعبا احتياطيا- إلا ميدالية واحدة (برونزية) منذ بدء فعاليات المسابقات حتى اليوم الأخير. وهو ما أدى إلى تصاعد وتيرة الغضب في مواقع التواصل الاجتماعي على مسؤولي الرياضة، وتضمن ذلك اتهامات بالإخفاق الحكومي في التعامل مع هذا الملف، ولم يكن تحقيق ميداليتين، ذهبية وفضية، في اليوم الأخير من المسابقات كافيا لتخفيف وطأة الانتقادات مع هزيمة فريق كرة القدم أمام نظيره المغربي بستة أهداف دون مقابل.

وتأتي الأزمات الرياضية على رأس اهتمامات قطاع كبير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتم النظر إلى فريقي الأهلي والزمالك لكرة القدم وهما الأكثر شهرة على أنهما الحزبان الأكبر بمصر، في إشارة إلى مدى الاهتمام الشعبي بالرياضة.

وترك عدم التحرك للتعامل مع المعلومات التي أثيرت عقب وفاة اللاعب أحمد رفعت والحديث عن صرف مليار و250 مليون جنيه (الدولار= 49 جنيهاً) لتأهيل الرياضيين، الفرصة لدخول معارضين على الخط، بما حمل مضامين سياسية تتعلق بعدم القدرة على مواجهة الفساد ووجود نافذين قد يتهربون من القانون، وهو ما حرص الرئيس السيسي على إثبات عكسه بإحالة القضية الأولى إلى النيابة وفتح تحقيق في الثانية.

وقال نائب رئيس حزب كتلة الحوار (تحت التأسيس) حسام علي إن تأخر الجهات الحكومية والاتحادات الرياضية في التعامل مع الإخفاقات وانتظار التوجيهات الرئاسية يبرهنان على وجود خلل في علاج الأزمات، وانتظار أن تأتي للمسؤولين توجيهات كي يقوموا بدورهم الطبيعي.

وتعرض اللاعب أحمد رفعت لتوقف في عضلة القلب أثناء مباراة كان يشارك فيها خلال شهر مارس الماضي، وتم نقله إلى المستشفى وإجراء إنعاش لعضلة القلب قبل أن يمكث في العناية الفائقة نحو شهر، وبعدها أعلن الفريق الطبي عن تحسن حالته وخروجه من المستشفى ثم توفي بعد ذلك.

وذكرت وسائل إعلام أن اللاعب الراحل تعرض لأزمة تخص تصريح السفر الخاص به، ولم يجد أحدا يقف بجواره، وأصيب بمشكلة نفسية قادت إلى سقوطه في الملعب.

وأشار حسام علي في تصريح لـ”العرب” إلى أن مواجهة فشل البعثة الأولمبية تتطلب محاسبة مالية للاتحادات الرياضية التي تنحصر مراقبة الحكومة عليها في المسائل الإدارية والمالية ودون أن تملك قدرة على إقالتها لارتباطها باللجنة الأولمبية المحلية التي تتبع الأولمبية الدولية، وأن الإحالة إلى القضاء حال ثبت ذلك يمكن أن تشكل بادرة إيجابية للبناء عليها مستقبلاً، مع وجود اهتمام حكومي بالتعرف على أسباب الإخفاق.

وأكد أن تدخل الرئيس السيسي جاء بعد أن طفت على السطح شهادات لاعبين كشفت عن وجود حالة من الفوضى والفساد أحاطت بعملية الإعداد، ما يشي بأن قرارات رأس السلطة قد تأتي بنتائج إيجابية، لكنها ستكون في حاجة إلى المزيد من الشفافية لإعلام الرأي العام بما حدث، لأن صرف مبالغ طائلة على الرياضيين دون تحقيق إنجازات وفي ظل أزمة اقتصادية صعبة يساهم في ارتفاع وتيرة الغضب.

وحظي وسم “البعثة المصرية” قبل أيام بتفاعل كبير ضمن قائمة الأكثر تداولاً عبر منصة إكس، مع الآلاف من التغريدات التي تطالب بوقفة تجاه ما وصفه بعض المتابعين بـ”الفضائح” التي صاحبت نتائج المسابقات المختلفة.

وأوضح الناقد الرياضي جمال الزهيري أن التدخلات الرئاسية تؤشّر على وجود قرارات فاعلة يمكن أن تهدّئ الرأي العام، وأن تحرك الجهات والهيئات الرسمية عقب توجيهات الرئيس السيسي يبرهن على أن الأمور ستتخذ مجرى مختلفا، وأن التركيز على المحاسبة المالية هو الأصل في أيّ تدخلات، لأنه يصعب التعرف على الأسباب الفنية التي قادت إلى الفشل، وترجع إلى عوامل مختلفة.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن الأزمة تتمثل في أن الكثير من الوقائع السابقة التي حدثت بها تدخلات حكومية لم تسفر عن إصلاح أوضاع منظومة الرياضة وهو مطلب شعبي متكرر منذ سنوات، وفي كل مرة هناك وعود لم تنعكس على الرياضة، وأن تدخل رأس الدولة هذه المرة يساهم في تلمس الطريق الصحيح، والأمر في حاجة إلى ثورة تشريعية لتعديل اللوائح والقوانين المنظمة للعديد من الرياضات وشفافية في اختيار من يديرون الفرق واللاعبين، وحال ظل عنصر فساد واحد، قد تضيع جهود مئات الآخرين، ما يجعل مهمة الإصلاح صعبة.

17 أغسطس 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة