قطعت مالي علاقتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، بعد إعلان الأخيرة دعم الانفصاليين الأزواد في حربهم ضد جيش البلد الأفريقي المدعوم بعناصر فاغن
وبدا الإعلان بمثابة تحويل أفريقيا إلى ساحة لإدارة الصراع بين الغرب الداعم لأوكرانيا وروسيا التي تراكم نفوذها في القارة السمراء.
وقال محمد أغ إسماعيل الباحث المالي في العلوم السياسية إنه حتى اللحظة لا توجد معلومات دقيقة ومستقلة عن دعم أوكرانيا للانفصاليين، رغم دعاية كييف.
إعلان مشكوك فيه
وأقر مسؤول أوكراني رفيع، وفق باماكو، بضلوع كييف في تكبيد الجيش المالي ومجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة خسائر فادحة في معارك مع انفصاليين وقعت في أواخر يوليو/تموز الماضي.
وفي ضوء الإعلان الأوكراني، قال المتحدث باسم الحكومة المالية، الكولونيل عبد الله مايغا، إن السلطات الانتقالية في بلاده قررت قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا بمفعول فوري، واعتبرت أن هذه الأفعال تنتهك سيادة مالي وتتخطى إطار التدخل الخارجي وتشكل دعما للإرهاب الدولي.
وأوضح إسماعيل لـ"العين الإخبارية" أن أوكرانيا في حاجة ماسة إلى الدعم أكثر من غيرها، لأن وجودها على المحك بسبب العملية العسكرية الروسية، واستخدامها من قبل الغرب كساحة للمواجهة بين المعسكرين.
وأشار إلى أنه إذا ما افترضنا وجود دعم خارجي للانفصاليين فمن الصعب أن نتصور أي دور لأوكرانيا فيه، مبينا أنه سبق التحذير من مخاطر تمدد النسخة الجديدة من الحرب الباردة إلى أفريقيا.
وقال منذ عام 2020 عقب انتشار عناصر فاغنر في ليبيا ووصول الجنود الروس إلى الساحل الأفريقي نهاية عام 2021 حذرنا من تداعيات عودة الحرب الباردة والصراع على الثروات والمواقع الاستراتيجية في أفريقيا،
وأضاف: حذرنا أيضا من نقل هذه المواجهة العسكرية إلى أفريقيا.
وأضاف الباحث المالي أن ما توقعه تحقق بعد الانقلاب في النيجر، وما تبعه من مواجهة سياسية وإعلامية بين المعسكرين الغربي والروسي وحلفائهم في أفريقيا، إذن أصبح كل شيء وارد منذ ذلك الحين.
وتابع: قلنا حينها بأن الغرب لن يبق مكتوف الأيدي أمام التمدد الروسي في الساحل الأفريقي، خاصة مع خروج قوات الدول الغربية من الساحل الأفريقي.
ليس بعد
من جهته، رأى بكاي أغ أحمد مؤسس الحركة الوطنية للأزواد بمالي أن كل دولة ناشئة كانت أو عريقة تسعى لوضع قدمها على أرض جديدة، لتحقيق مصالح اقتصادية، وتعظيم مكاسبها.
وقال أحمد لـ"العين الإخبارية" إن هذا ما تفعله روسيا في أفريقيا، والتي تزعم مساعدة الأنظمة العسكرية في كل من أفريقيا الوسطى وبوركينا والنيجر ومالي، ولا يهم كيف وما هي النتائج.
وأضاف: كذلك أوكرانيا قد تتدخل في مالي لصالح الجبهات الأزوادية التي تقاتل الدولة المالية التي استعانت بـ"مرتزقة فاغنر" وهم أعداء لأوكرانيا، مؤكدا أن عدو عدوي صديقي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الأزواديين لم يتلقوا أي مساعدة من أوكرانيا، وقد يكون ما تنشره عبارة عن بروباغندا لغاية في نفس سياستها الخارجية.
وأوضح أن الحرب في المنطقة قد تتدخل فيها روسيا بالفيلق الأفريقي بدلا من فاغنر التي تتهمها وزارة الدفاع الروسية بالخروج عن سيطرتها.
الأزواد يرحبون
وقال مؤسس الحركة الوطنية للأزواد إن "الأزواديين يرحبون بأي تعاون عسكري أسوة بغيرهم ممن استعانوا بقوى خارجية، لا سيما وأن مالي وضعت كل الشعب الأزوادي في خانة الإرهاب، وتحاربه على هذا الأساس"، على حد قوله
وأضاف أنه إن كانت أوكرانيا تختبر "موقف الأزواد بشأن إمكانية تقديم الدعم فالشعب الأزوادي يرحب، فمادام الجيش المالي استعان بقوات فاغنر فمن حقنا أن نستعين بأي دعم خارجي".
لكنه أوضح أنه حتى اللحظة لا وجود لأي بادرة بشأن دعم أوكراني، على الرغم من إبداء نوع من التعاطف من الأزواديين.
رؤية روسية
بدوره رأى نزار بوش الخبير الروسي في الشؤون الأفريقية أن دول القارة سئمت النفوذ الفرنسي والغربي، واستزاف القارة ومواردها.
وقال بوش لـ "العين الإخبارية" إنه لم يحدث أي تطور نوعي في الدول التي كانت شهدت وجودا للقوات الفرنسية والأمريكية.
وأضاف أن الدول الأفريقية لجأت إلى روسيا عبر توقيع شراكات واتفاقيات أمنية في سبيل محاربة الإرهاب والجماعات المتمردة، وأيضا عبر التنمية الاقتصادية مؤكدا أن روسيا تستثمر في أفريقيا، ولكن دون استغلال دولها.
وقال إن الوجود العسكري الروسي بدأ هناك بشكل محدود، من أجل محاربة الإرهاب والحفاظ على أمن بعض المناطق بالاتفاق مع حكومات الدول الأفريقية، مضيفا أن من هذه الدول مالي، وأن هناك علاقات جيدة معها، وتعاونهما في محاربة الإرهاب بجانب الاستثمارات الروسية.
ولفت بوش إلى أن أوكرانيا تريد محاربة روسيا في كل مناطق وجودها، وقال إنها تريد محاربة روسيا في سوريا عبر إرسال مرتزقة أوكران، واستهداف القوات الروسية هناك.
وأعرب الخبير الروسي عن اعتقاده بأن قوات أوكرانيا بدأت تصل مالي، لأنها تريد استهداف القوات الروسية، معتبرا أن هذا تدخل مباشر في الشأن المالي، وأنه سافر ويؤثر على الأمن في هذه الدولة.
وأشار إلى أن الشعوب الأفريقية لم تعد ترغب في أن تكون ساحة لصراع الآخرين وهي تثق في أن روسيا ستساهم في حفظ أمنها وتطوير مواردها لتحقيق استفادة متبادلة.