وسط تصاعد وتيرة الاقتتال والعنف، والقصف العشوائي في مدينة الفاشر، باتت عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، تعيش أسوأ «كوابيسها».
فرغم إعلان الولايات المتحدة قبل أيام، أنها دعت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى محادثات سلام في أغسطس/آب المقبل في سويسرا بهدف إنهاء النزاع في السودان، إلا أن تلك الدعوة لم تفلح في تهدئة المعارك التي تدور منذ مطلع مايو/أيار الماضي في الفاشر، تلك المدينة الوحيدة الكبيرة في دارفور التي لم تسقط تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وتحاصر قوات الدعم السريع المدينة التي كانت شهدت هدوءا نسبيا لأسبوعين بعدما هاجمت قوات الدعم السريع في بداية يوليو/تموز الماضي سوقا في المدينة، ما أسفر عن مقتل 15 مدنيا وجرح 29.
تطورات ميدانية
وتقول مصادر عسكرية وطبية في تصريحات لـ«العين الإخبارية»، إن القصف المدفعي العنيف واستخدام الطائرات المسيرة من قبل قوات «الدعم السريع»، في الهجوم على الفاشر، يومي السبت والأحد، أسفر عن مقتل 27 شخصا، وإصابة أكثر من 50 آخرين.
وطبقا للمصادر، فإن قوات الدعم السريع، «استهدفت الأحياء السكنية، ما أدى إلى تشريد المواطنين من منازلهم».
من جهتها، أعلنت لجان مقاومة الفاشر (نشطاء) ارتفاع ضحايا القصف المدفعي لقوات الدعم السريع على المدينة إلى 97 شخصا بين قتيل وجريح.
وأضافت في بيان اطلعت عليه «العين الإخبارية»، أنه حتى الآن «سقط 97 حالة ما بين قتيل ومصاب وسط المواطنين بالفاشر بسبب قذائف قوات الدعم السريع».
ووفق المصادر الطبية، فإن المستشفى السعودي، الذي يواجه نقصًا حادًا في الأدوية والمحاليل الوريدية والضمادات، استقبل أعدادا كبيرة من الجرحى، بعضهم تعرض للحروق من الدرجة الأولى نتيجة للاستهداف بأسلحة حارقة.
وأفاد شهود عيان لـ«العين الإخبارية»، أن القصف المدفعي، استهدف أحياء «الرديف، والثورة، والدرجة الأولى، والسوق الكبير، وسوق المواشي، وسوق الفاكهة والخضروات جنوبي المدينة».
وطبقا للشهود، فإن مدينة الفاشر، تعيش أوضاعا كارثية، باعتبارها المركز الرئيسي لجميع أنحاء دارفور، وتؤوي مليوني شخص، إضافة إلى 800 ألف نازح.
ويقول المواطن أحمد يوسف، إن مدينة الفاشر تعيش حاليا أوضاعا غاية في الخطورة بسبب القصف العشوائي، مضيفًا في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الدعم السريع قصفت الأحياء السكنية والمستشفيات ما أدى إلى مقتل وإصابة الأبرياء في صفوف المدنيين، مما أدى إلى تعطل الحياة بالكامل داخل المدينة، بسبب انقطاع خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات"، على حد قوله.
وتسعى قوات «الدعم السريع» للسيطرة على الفاشر لكونها آخر المدن في إقليم دارفور غير خاضعة لسيطرتها، بعد أن سيطرت منذ أواخر العام الماضي على ولايات جنوب ووسط وغرب وشرق دارفور.
وتقع مدينة الفاشر في غرب السودان على ارتفاع 700 متر (2296 قدما) فوق سطح البحر على مسافة 802 كيلومتر غرب العاصمة الخرطوم، و195 كيلومترا عن مدينة نيالا باتجاه الشمال الشرقي.
أزمة كارثية
وخلفت الحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 أكبر أزمة إنسانية على المستوى الدولي، إذ اضطر الناس إلى تناول أعلاف الحيوانات وأوراق الأشجار في دارفور، لعدم توفر الغذاء في مخيمات النزوح البالغة عددها 51 في ولايات دارفور الخمس.
وأُنشئت مخيمات اللجوء في دارفور عندما نزح السكان من القرى إلى المدن الكبيرة بحثا عن الأمان بعد اندلاع الحرب في الإقليم 2003 بين القوات الحكومية وفصائل مسلحة متمردة.
ويشهد إقليم دارفور منذ 2003 نزاعا مسلحا بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة نحو 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.