شهد العراق قبل 30 عاما انطلاق أولى عمليات التفتيش الدولية للبحث عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة، حيث أنفقت واشنطن مئات الملايين من الدولارات لإثبات وجود أسلحة كيمياوية وبيولوجية أو برامج نووية هناك. وبعد أسابيع على قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بنزع أسلحة الدمار الشامل من العراق، بدأت لجان التفتيش أعمالها في بغداد صبيحة 21 سبتمبر 1991 واستمرت نحو 13 عاما. وبعد سنوات من البحث والتحري، اتهم هانز بليكس (كبير مفتشي الأسلحة) أميركا وبريطانيا بتهويل المعلومات الاستخبارية حول العراق لتبرير استخدام القوة ضده.
بدأ تفكير العراق في البرنامج النووي عام 1959، أي بعد سقوط النظام الملكي، حيث تعاقد مع الاتحاد السوفياتي لبناء مفاعل نووي صغير لأغراض علمية وبحثية، ثم توقف البرنامج حتى عام 1968 عندما تم تشغيل مفاعل “تموز” في منطقة التويثة قرب بغداد. لجأ العراق إلى فرنسا في منتصف سبعينات القرن الـ20 لإنشاء مفاعلين لأغراض سلمية، قبل أن تتعرض مفاعلات العراق لضربة إسرائيلية عام 1981 أدت إلى توقف البرامج العراقية.
العراق بدأ يفكر باستخدام الأسلحة الكيمياوية خلال الحرب العراقية – الإيرانية، بسبب غياب التكافؤ مع الكثافة البشرية في إيران والتي كانت هجماتها على شكل موجات بشرية كبيرة لا يستطيع السلاح التقليدي صدها، وهو ما دفع العراق لطلب المساعدة من ألمانيا للحصول على أسلحة كيمياوية بهدف إبادة القطعات الإيرانية التي تحاول دخول العراق. وأتى علماء وخبراء ألمان إلى العراق مع مواد أولية من ألمانيا وبدأ العراق يصنع أسلحة كيمياوية، إلا أنه تخلص من أسلحة الدمار الشامل بعد عام 1991، عندما بدأت لجان التفتيش الدولية تدخل العراق، وعمل على تدمير كل المنشآت حتى التقليدية منها.
الفيلم ليس صورة لهانز بليكس أو عبادة لبطل ولكنه وثيقة تاريخية لمرحلة مهمة من تاريخ العراق والعالم
جرى تفتيش المفاعل النووي العراقي والتأكد بأنه غير صالح للاستخدام. وبدأت عمليات التفتيش بموافقة العراق على قرار مجلس الأمن وفتح الطريق أمامهم وتسهيل جميع المصاعب، وتم إعطاؤهم الحق لتفتيش أي مكان يرغبون به، وحتى مكتب رئيس الجمهورية حينها صدام حسين لم يكن عائقا أمامهم، بل تم توفير الحماية والمرافقة في أي مكان ارتحلوا إليه، وكان قرار الموافقة قرارا سياسيا من الحكومة لوقف الحرب.
لعل من أبرز محطات تعامل العراق مع لجان التفتيش تجسدت في إيقاف التعاون مع هذه اللجان في 31 نوفمبر 1998، بسبب عدم جديتها وتزييفها للحقائق من خلال التقارير التي كانت ترفعها لمجلس الأمن. مما دفع الولايات المتحدة وبريطانيا إلى شن هجمات جوية على العراق عام 1998 وأدت إلى سقوط ضحايا مدنيين.
نتيجة لعدم تحقيق هذه الهجمات أهدافها في إجبار العراق على عودة لجان التفتيش؛ أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1284 في 17 ديسمبر 1999 بتشكيل لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش “أنموفيك”، والتي كلفت بمسؤولية لجان التفتيش السابقة، ووفق هذا القرار فإن الأمم المتحدة ملزمة برفع الحصار عن العراق بعد مرور 120 يوما من تعاون بغداد مع هذه اللجنة. ويرى أن العراق كان أكثر تعاملا مع لجنة التفتيش “أنموفيك” التي ترأسها هانز بليكس، على خلاف لجنة التفتيش الأولى والتي تشكلت بعد خروج القوات العراقية من الكويت وكانت برئاسة رالف أكيوس الذي افتقد الحيادية في هذا الملف. إن هذا الملف تم استغلاله سياسيا بهدف إطالة أزمة الحصار على العراق والمساومة من أجل المزيد، حيث استخدم استخداما سيئا رغم قناعة المفتشين الدوليين بعد سنوات قليلة بأن العراق لا يمتلك أيّ قدرات لصناعة قنابل ذرية.
السينما وكشف الحقيقة
السينما العالمية استثمرت هذا الحدث البارز في العديد من الأفلام كان آخرها فيلم النجمة البريطانية كيرا نايتلي “الأسرار الرسمية” الذي عرض في نهاية العام 2019، وحمل قالب الدراما السياسية مقتبسا أحداثه من قصة حقيقية حدثت خلال الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وطرح الفيلم أسرارا حاولت الحكومة البريطانية إخفاءها خلال غزو العراق، لكنّ مترجمة في وكالة استخبارات بريطانية تدعى كاثرين غن قد سربت للصحافة كافة المعلومات التي تخص عملية تجسس قامت بها وكالة الأمن القومي بالتعاون مع الاستخبارات البريطانية، لجعل مجلس الأمن في الأمم المتحدة يوافق على اجتياح العراق.
وشارك في بطولته إلى جانب نايتلي كل من رالف فين ومات سميث وماثيو غود، الفيلم الذي أخرجه جافن هود، استند إلى كتاب بعنوان “الجاسوس الذي حاول إيقاف الحرب: كاثرين غن والمؤامرة السرية لفرض غزو العراق”.
ويعد فيلم “بليكس” الأول الذي يلقي الضوء على دور السياسي السويدي الذي رأس لسنوات عديدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في غزو الولايات المتحدة للعراق. فهو يروي قصة شخصية والأهم من ذلك قصة تعاطفية تلقي الضوء على أحد الأحداث الحاسمة في القرن الحادي والعشرين.
الفيلم الوثائقي “بليكس ليس قنابل” للمخرجة غريتا ستوكلاسا يتمحور حول مفتش الأسلحة السابق للأمم المتحدة هانز بليكس المكلف بمهمة البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، في الفترة التي سبقت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة قبل 21 عاما. قاد بليكس فريق الأمم المتحدة لمعرفة ما إذا كانت أسلحة الدمار الشامل موجودة في العراق، والغزو الأميركي للعراق وعواقبه هو ما نحصل عليه من تحليل هانز بليكس الثاقب بشكل هائل في محادثة شاملة وصادقة مع المخرجة غريتا ستوكلاسا.
قليلون هم الذين يفهمون تعقيدات السياسة الدولية على المسرح العالمي ومنهم الدبلوماسي السويدي هانز بليكس، ولا يمكن لأحد أن يفسر ذلك بأناقته الفكرية. لكن فيلم ستوكلاسا هو أيضا انعكاس لصورة الرجل نفسه، وهو الآن رجل عجوز يكتب مذكراته، ويمشي بعصا ويشاهد الطيور من خلال نافذة شقته. إن نظرته والتزامه يلحان عليه أكثر من أيّ وقت مضى، حيث يقيّم بليكس غزو العراق وحالة العالم اليوم، ويشرح السياسة الدولية ببصيرة وأناقة نادرة. الفيلم صورة مقابلة عميقة وشاملة للدبلوماسي السويدي هانز بليكس، الذي حمل تاريخ العالم بين يديه في العراق قبل أكثر من 21 عاما.
أول فيلم يلقي الضوء على دور السياسي السويدي الذي ترأس لسنوات عديدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية
في الفيلم، تجري المخرجة التشيكية السويدية غريتا ستوكلاسا مقابلات مع الدبلوماسي السويدي، الذي يبلغ من العمر الآن 94 عاما، حول ما حدث في الأشهر التي سبقت الحرب. يصف اجتماعاته مع جورج دبليو بوش وتوني بلير، وإحباطه عندما ألقى كولن باول خطابه المحوري في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وشعوره بالفراغ عندما بدأت الولايات المتحدة الغزو، على الرغم من تقاريره بأن فريقه لم يجد أيّ أسلحة دمار شامل في العراق.
يجادل بليكس أيضا بأن هناك تأثيرا أميركيا تسبب في حرب العراق، وأدى الغزو إلى الإطاحة بالنظام العراقي، وتفكيك الجيش العراقي ما خلق الفوضى التي قادت إلى صعود تنظيم داعش الإرهابي، وأزمة الهجرة التي تلت ذلك في أوروبا. وكرد فعل على ذلك، نشأت موجة من الشعبويين اليمينيين المتطرفين مثل ماري لوبان وجيرت فليدرز وغيرهم، مما أدى إلى زعزعة استقرار الحكومات في جميع أنحاء أوروبا.
في بيان، ذكرت المخرجة “يجسد شخص بليكس الصدام بين السياسة العليا والأحداث ذات المستوى العالمي وأيام الشيخوخة والشعور بتأنيب الضمير، مع التوقعات البطيئة للنهاية الوشيكة. من خلال الجمع بين أساليب المقابلة الشاملة ومراقبة المواقف من حياة بليكس الشخصية، نقوم برسم صورة معقدة لدبلوماسي مسن ورجل مستعد لمغادرة هذا العالم. لكن السؤال الرئيسي الذي نناقشه عالميا: أين تقع مسؤوليتنا الشخصية تجاه البشرية والعالم؟”.
آثار الغزو
المخرجة تطرح العديد من الأسئلة خاصة ما إذا كانت الحرب على العراق حافزا لولادة مجتمع اليوم المنقسم والمتطرف
كانت المخرجة غريتا ستوكلاسا قد بلغت من العمر ثماني سنوات عندما شاهدت أحداث 11 سبتمبر في ستوكهولم على شاشة التلفزيون. الآن، في القرن الـ21 الذي تميز بالحروب والظواهر السياسية المتطرفة والكوارث المناخية، تتحول غريتا، التي تابعت مهنتها كمخرجة أفلام وثائقية، إلى الغوص في حياة الدبلوماسي هانز بليكس البالغ من العمر الآن 94 عاما، وتسأله عمّا إذا كان بإمكانه مساعدتها على فهم العالم، و”هل لا تزال الدبلوماسية تلعب دورا؟ أم أنه آخر المفاوضين الكبار؟ لماذا لا يمكننا العيش في سلام؟”. تسأل ستوكلاسا في المقدمة الشخصية لفيلمها الوثائقي وتبحث عن إجابة خلال استجواب بليكس، الرئيس السابق لمفتشي الأسلحة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
في مقابلة صريحة تركز المخرجة ستوكلاسا في المقام الأول على البحث عن أسلحة الدمار الشامل بعد 11 سبتمبر 2001، على الرغم من أنه لم يتم العثور عليها أبدا، إلا أنها كانت ذريعة للغزو الأميركي للعراق. عندما يتعلق الأمر بمسألة المسؤولية الشخصية عن الحرب والكوارث الأخرى يتحول بليكس من مواطن مسن سويدي لطيف إلى دبلوماسي قوي يرفض مناقشة مواضيع معينة. تقدم صورته أيضا مناقشة ثاقبة لحدود الدبلوماسية والتعاطف.
يدوّن بليكس تجربته في كتاب يحمل عنوان “وداعا للحرب”، ولكن عندما تزوره المخرجة الوثائقية التشيكية السويدية غريتا ستوكلاسا نراه يعيش بشكل متواضع نسبيا في شقة بسيطة، يطعم الطيور وهو ودود ومتسامح ويقظ للجميع. هكذا تعرّف عليه العالم قبل 20 عاما، كرئيس للجنة الأمم المتحدة التي بحثت عن أسلحة الدمار الشامل في العراق ولم تجد شيئا. في ذلك الوقت، كان بليكس يعتبر وسيطا محترما كان يتم استدعاؤه دائما عندما كان العالم يحترق. لكن جورج دبليو بوش، الرئيس الأميركي في ذلك الوقت، لم يهتم بالحقائق، وشوّه سمعة مفتشي الأمم المتحدة ودخل في ما أسماه “الحرب على الإرهاب” دون مبرر ودون تفويض من الأمم المتحدة.
العمل الثاني للمخرجة الشابة (المولود في عام 1993) يتعلق بحدث تاريخي مر عليه 21 عاما وهو الحرب ضد العراق. لدى المخرجة غريتا ستوكلاسا شعور بأن شيئا ما حدث بشكل خاطئ في ذلك الوقت، والذي يمكن إلقاء اللوم عليه في فوضى اليوم في عالم يغرق في أزمة. المخرجة تصوغ فرضية تبدو جريئة ومع ذلك تقدم مادة للتفكير: ألم تساهم الحرب على العراق في ظهور ما يسمى بـ”الدولة الإسلامية”، ثم في موجة اللاجئين وتعزيز الشعبوية اليمينية؟ وبالتالي إلى حقيقة أن شخصا مثل المخرجة الشابة ولد في زمن سلمي، أي في تسعينات القرن العشرين بعد نهاية الحرب الباردة، ولكن اليوم يجب أن يعيش في عالم مليء بالكراهية والعنف.
تأمل المخرجة أن يلقي هانز بليكس، الذي التقى بجميع الأطراف الفاعلة الرئيسية في عام 2003، الضوء على الحالة. وبالتالي، فإن فيلمها ليس صورة لهانز بليكس أو عبادة البطل، ولكنه وثيقة تاريخية لمرحلة مهمة من تاريخ العراق والعالم وما تلاه من آثار على البشرية جمعاء. نرى فيه المخرجة الشابة توثق الأحداث أمام الكاميرا وتعترف صراحة بمنظورها الشخصي.
هناك جيلان يحاوران بعضهما البعض هنا: الدبلوماسي ذو الأخلاق المهنية والمخرجة الشابة التي تصر على حمل صوت الضمير بصرامة كما تفعل غريتا ثونبرغ، في مرحلة ما، يصل الأمر إلى صدام بين الاثنين، وعادة ما ينهي هانز بليكس اللطيف والهادئ المحادثة بارتفاع صوته عند استفزازه من قبل المخرجة، حين تلمّح المحاورة إلى أن الدبلوماسي كان يجب أن يتخذ موقفا أكثر حسما ضد الحرب في عام 2003، وكان يجب أن يتخلى عن موضوعيته المهنية. من ناحية أخرى، يشير بليكس إلى أن الحزبية لم تكن جزءا من وظيفته. لقد قدم الحقائق فقط. كان ينبغي على السياسيين الأميركيين استخلاص الاستنتاجات الصحيحة من هذا وما كان ينبغي لهم أبدا أن يبدأوا حربا على أساس افتراضات غامضة.
أسئلة مهمة
تبدأ ستوكلاسا الفيلم بصور من طفولتها، مما يجعل من الأمر وكأنه هذه رحلة شخصية لها لفهم الفترة في وقت لاحق. تركز المخرجة في المقام الأول على موضوع عمل فريق البحث عن أسلحة الدمار الشامل، تلتقي الرجل المسؤول عن ضمان عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق بعد عقدين من حرب العراق. وعلى الرغم من إجراء أكثر من 700 عملية تفتيش وعدم العثور على أيّ دليل على أسلحة الدمار الشامل، ولكن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاء آخرون أعلنوا الحرب على العراق على الرغم من أنه لم يتم العثور عليها أبدا، إلا أنها كانت ذريعة للغزو الأميركي للعراق.
الفيلم يضيء على أحد الأحداث الحاسمة في القرن الحادي والعشرين. تحمّل المخرجة ستوكلاسا هانز بليكس وفريقة المسؤولية، أو بشكل أكثر تحديدا، إنها مندهشة من أنه لا يحمل نفسه المسؤولية عن الغزو الشامل. القضايا الأخلاقية شائكة دائما، والمخرجة صادقة بما يكفي لتشمل نفسها دائما – صوتها ووجهها – كجزء من المحادثة، بدلا من استخدام الكاميرا فقط لبناء سرد إدانة.
ومع ذلك، فإن إحباطها يسلط الضوء على الفجوة بين الأخلاق الخاصة والعامة في إدارة السياسة، حيث تتساءل غريتا، القلقة بشأن المستقبل لأنها حامل بطفلها الأول، لماذا لم يفعل هانز بليكس المزيد لوقف الحرب في العراق؟ يوضح أنه كان يقوم بعمله فقط كعضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولم يكن الأمر متروكا له أبدا ليقرر ما إذا كان ينبغي أن تكون هناك حرب في العراق. من الواضح أن هذه ليست الإجابة التي أرادت المخرجة غريتا ستوكلاسا سماعها، وفي مرحلة ما، تحصل على مواجهة إلى النقطة التي يخرج فيها هانز بليكس من المقابلة. ينتهي الأمر بهذه النظرة ونظرة غريتا العدمية عموما للمستقبل إلى التسبب في إنهاء فيلم وثائقي جذاب على خلاف في المواقف.
لا يجب على المرء أن يكون ممتنا لغريتا ستوكلاسا لنهجها في تصوير شخصية مثيرة للاهتمام فقط. ولكن لطرح أسئلة جيل الشباب اليوم، مهما كانت غير مريحة للرئيس السابق للجنة المراقبة والتحقيق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة، الذي أرسل إلى العراق لتحديد صحة شكوك الولايات المتحدة في أن البلاد كانت تصنع أسلحة دمار شامل.
وعلى الرغم من أن التقرير النهائي لم يعثر على أيّ دليل على وجود برنامج أسلحة عراقي في عهد صدام حسين، مع ذلك قررت الولايات المتحدة وحلفاؤها غزو البلاد. يعيش هانز بليكس كمتقاعد سويدي، ويتساءل عمّا إذا كان قد فعل ما يكفي لمنع الحرب التي لا يزال تأثيرها محسوسا حتى يومنا هذا. تقول المخرجة لفارايتي “بالنسبة إليّ، فإن قصة هانز ليست مجرد قصة مثيرة للفضول لواحد من أهم الأحداث في التاريخ الحديث، إنها قصة حدود الدبلوماسية والمعضلات الأخلاقية والمسؤولية الشخصية في تشكيل العالم”.
لدى ستوكلاسا العديد من الأسئلة العظيمة في فيلمها الوثائقي “بليكس وليس القنابل” وخاصة ما إذا كانت الحرب على العراق حافزا لولادة مجتمع اليوم المنقسم والمتطرف. إنها تستنتج المزيد من الأحداث أثناء عرض الأحداث مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترامب. للعثور على إجابات، تتطلع إلى زميلها السويدي هانز بليكس، الذي كانت تقاريره عن التسليح العراقي جزءا لا يتجزأ من الغزو النهائي للعراق أو استخدم ذريعة، على الرغم من أن المفتشين الذين قادهم لم يجدوا شيئا.
تستكشف المخرجة الوثائقية التشيكية السويدية غريتا ستوكلاسا تشكيل الهوية والخيارات الحاسمة والأعمال الداخلية في يومنا هذا من وجهة نظر شخصية واجتماعية. إنها تستخدم الجزء الأخير لطرح سؤال على بليكس باستمرار. هل كان بإمكانه فعل المزيد لمنع حرب العراق في المقام الأول؟ يفقد صبره في النهاية.
هذه قصة صانعة أفلام تروي حكايتها الخاصة، وتركز على مشاعرها الخاصة، وتضع على أكتاف موضوعها شعورا بأنه ربما أتيحت له وحده الفرصة لتغيير أحداث طفولتها المبكرة التي لا تزال تعاني من هزات ارتدادية كارثية. تمكنت ستوكلاسا من إضفاء الطابع الإنساني على بليكس عند السؤال عن دوره خلال هذه الفترة. نحن نتعامل مع نظرة عامة مفصلة بشكل مناسب عن حياته المهنية الرائعة التي امتدت لما يقرب من نصف قرن حيث كانت الكوارث النووية مثل كارثة تشيرنوبيل من ضمن اختصاصه، كما كان عمله تحديد مدى أسلحة الدمار الشامل في العراق التي زعمت أمريكا وحلفاؤها وجودها، والتي تغذيها جزئيا تصريحات متناقضة أو حتى غامضة وغير صريحة من قبل صدام حسين والمتحدثين باسمه.