نفذت إسرائيل تهديداتها برد انتقامي قوي ضد مواقع حوثية في مدينة الحديدة، وذلك بعد يوم من استهداف الحوثيين لتل أبيب بطائرة مسيّرة، في خطوة تظهر أن إسرائيل تعاملت بقوة مع الاستهداف الحوثي حتى لا تلجأ الجماعة إلى تكرار ما قامت به.
وبدا أن الحوثيين كانوا يعتقدون أن إسرائيل لن ترد أو أنها قد تلجا إلى رد محدود حفاظا على سمعتها كما تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا، لكن إسرائيل لا تعمل حسابا لمثل هذا الأمر وتنظر إلى الرد من جانبه الانتقامي ونتائجه.
ونادرا ما تتبنى إسرائيل العمليات الخارجية التي تنفذها ضد مواقع تابعة لحلفاء إيران في المنطقة، لكن تبنّي الهجوم على مواقع للحوثيين يحمل رسالة واضحة على أن إسرائيل لن تتردد في الرد بقوة وبوجه مكشوف على أي استهداف، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقوله “الهجوم على الميناء اليمني يذكّر أعداءنا بأنه لا يوجد مكان لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه”.
وشنت مقاتلات إسرائيلية غارات على أهداف للحوثيين في ميناء مدينة الحديدة اليمنية السبت، وذلك غداة تبني المتمردين هجوما بمسيّرة أسفر عن مقتل شخص واحد في تل أبيب.
هذه الضربات هي الأولى التي أعلنتها إسرائيل ضد اليمن الذي يشن منه الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيّرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها.
وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان أن “مقاتلات (إسرائيلية) قصفت أهدافا عسكرية لنظام الحوثيين الإرهابي في منطقة ميناء الحديدة في اليمن ردا على مئات الهجمات التي طالت دولة إسرائيل في الأشهر الأخيرة”.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في بيان إثر الضربات إن “دماء المواطنين الإسرائيليين لها ثمن”، معتبرا أن “هذا الأمر تم إثباته بوضوح في لبنان وغزة واليمن وأماكن أخرى. إذا تجرأوا على مهاجمتنا فالنتيجة ستكون هي نفسها”.
وأكد محمد البخيتي عضو المكتب السياسي للحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في اليمن من بينها الحديدة (غرب)، من جانبه، عبر منصة إكس أن إسرائيل “ستدفع ثمن” ضرباتها في اليمن.
وندد المسؤول الحوثي البارز محمد عبدالسلام، في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي، بـ”عدوان إسرائيلي غاشم”.
وأضاف أن الهجوم استهدف “منشآت مدنية وخزانات النفط ومحطة الكهرباء” في الحديدة من أجل “الضغط على اليمن للتوقف عن مساندة غزة”.
وقالت وزارة الصحة التابعة للحوثيين في بيان نقله إعلام المتمردين إن “غارات العدو” تسببت في سقوط قتلى وجرحى، من دون أن تشير إلى حصيلة محددة.
وعرضت قناة المسيرة التابعة للحوثيين مشاهد ذكرت أنها ليمنيين يتلقون إسعافات في المستشفيات بعد الضربات. وأفاد رجل ردا على سؤال للقناة أن العديد من الجرحى هم من موظفي ميناء الحديدة.
وتسببت الضربات بحريق هائل في الميناء الذي غطته سحابة كثيفة من الدخان الأسود، بحسب مشاهد أخرى بثتها القناة، لافتة إلى أن فرق الدفاع المدني والإطفاء يحاولون إخماد الحريق الذي اندلع في منشآت النفط.
وتأتي الغارات غداة هجوم تبناه الحوثيون اليمنيون ونُفّذ بمسيّرة فشلت منظومة الدفاع الإسرائيلية في اعتراضها وأدى إلى مقتل شخص في تل أبيب، في خضم الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحماس.
وتوعد الحوثيون بأن يجعلوا من تل أبيب “هدفا رئيسيا” في هجماتهم المقبلة.
وحذر الحوثيون الأسبوع الماضي من أنهم “لن يترددوا في توسيع عملياتهم العسكرية (..) حتى يتوقف العدوان”.
وأكد الجيش الإسرائيلي أن الهجوم الذي وقع قبيل فجر الجمعة نُفذ “بمسيّرة كبيرة جدا يمكنها التحليق مسافات طويلة”.
وخلال الأشهر الماضية، أعلن الحوثيون مرات عدة استهداف مدينة إيلات ومينائها في إسرائيل، ضمن عمليات منفردة أو بالاشتراك مع فصائل عراقية، لكن هذه هي المرة الأولى التي يستهدفون فيها تل أبيب.
وأدت الهجمات التي وقعت في البحر الأحمر وخليج عدن، وهي مناطق بحرية حيوية للتجارة العالمية، إلى ارتفاع تكاليف التأمين، مما دفع العديد من شركات الشحن إلى الالتفاف من الطرف الجنوبي لأفريقيا، وهو طريق أطول بكثير.
وفي ديسمبر، شكلت واشنطن، حليفة إسرائيل، تحالفًا بحريًا دوليًا بهدف “حماية” الملاحة البحرية في هذه المنطقة الإستراتيجية التي يمرّ عبرها 12 في المئة من التجارة العالمية.
وتشنّ القوات الأميركية والبريطانية منذ 12 يناير ضربات على مواقع للحوثيين.
وأكد محمد الباشا محلل شؤون الشرق الأوسط في مجموعة “نافانتي” في الولايات المتحدة أن الضربات التي طالت الحديدة هي الأولى التي تعلن إسرائيل مسؤوليتها عنها في اليمن.
وأوضح أن ميناء الحديدة، وهو نقطة دخول أساسية للوقود والسلع إلى المناطق اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون، بقي عمليا في منأى من أيّ هجوم طوال النزاع.
وأضاف “الآن، يخشى التجار أن تفاقم (هذه الضربات) الوضع الدقيق أصلا على صعيد الأمن الغذائي والإنساني في شمال اليمن، لأن غالبية عمليات التبادل التجاري تمر بهذا الميناء”.