المجتمع

"عام ونهار" دراما عن مشاكل ما بعد الطلاق في المجتمع المغربي
 تدور أحداث مسلسل “عام ونهار” للمخرج أيوب لهنود حول امرأة مطلقة تواجه العديد من المشاكل والخلافات مع طليقها بشأن حضانة ابنهما الصغير، إذ تحاول المرأة إخفاء زواجها من رجل آخر لمدة عام ويوم لتجنب المشاكل القانونية التي قد تحرمها من حضانة ابنها. والمسلسل من تأليف جواد لحلو، وبطولة كل من سلوى زرهان، ساندية تاج الدين، زهيرة صديق، مريا للواز، عادل أبا تراب، نبيل المنصوري، وعبدالغني الصناك.

يناقش السيناريو موضوعات جوهرية مثل النزاع حول الحضانة، والزواج السري، والقضايا القانونية، ويعكس تعقيدات القانون وكيفية استغلاله لأهداف شخصية، مما يعكس جوانب من الحياة الواقعية، كما يبرز أهمية الدعم العاطفي والأسري في مواجهة التحديات الكبيرة.

ويكشف المسلسل تحديات المرأة المطلقة والعراقيل التي تعترض طريقها في مجتمع مليء بالتعقيدات القانونية والاجتماعية، كما يعزز من قيمة الصمود والعزيمة، مسلطًا الضوء على أهمية الدعم العاطفي من المحيط الاجتماعي في التغلب على الأزمات.

لكن ما يلفت انتباهنا هو أن الحبكة الأساسية للعمل تبدو متكررة في العديد من المسلسلات الأخرى وهذا التكرار يقلل من جاذبية القصة ويجعل أحداثها متوقعة بسهولة من قبل المشاهدين، كما أن عدم وجود تحولات مفاجئة أو أحداث غير متوقعة يجعل القصة مملة ورتيبة، مما يفقدها عنصر التشويق الذي يميز الأعمال الدرامية الجيدة.

كذلك جاءت الحوارات بين الشخصيات في المسلسل ضعيفة وغير مقنعة وتفتقر إلى العمق والواقعية، حيث ينبغي للحوارات الجيدة أن تعكس التوترات النفسية والصراعات الداخلية للشخصيات، وهو ما يبدو غائبًا في هذا العمل الدرامي. ومن ناحية أخرى، يظهر غياب إدارة الممثل بوضوح في اعتماد الممثلين على مجهودهم الفني، مما يجعل تجسيدهم للشخصيات يطغى عليه الارتجال والعشوائية، وهو ما يقلل من التناغم والانسجام بينهم. وغياب الخلفية العميقة للشخصيات يجعل من الصعب على المشاهدين التعاطف معهم أو فهم دوافعهم بشكل كامل.

كما يبدو أن هناك تشويشًا في نقل الأحداث وتسلسلها، مما يجعل من الصعب على المشاهدين متابعة القصة بسلاسة. يجب أن يكون السرد منسجمًا ومتناسقًا لخلق تجربة مشاهدة مريحة وواضحة. فعلى الرغم من محاولة المسلسل تناول قضايا قانونية واجتماعية معقدة، إلا أن العرض السطحي لهذه القضايا يجعلها تبدو كوسيلة للإثارة بدلاً من أن تكون جزءًا حقيقيًا من القصة. لذلك تنبغي معالجة مثل هذه القضايا بعمق أكبر وإظهار تأثيراتها على الشخصيات والمجتمع بشكل أكثر واقعية. رغم نجاح السيناريست جواد لحلو السابق في كتابة عدة مسلسلات تلفزيونية مثل "بغيت حياتك"، "الماضي لا يموت"، و"باب البحر"، إلا أنه تعثر في تحقيق النجاح نفسه مع مسلسله "عام ونهار".

في المسلسلات الناجحة الأخرى، استطاع السيناريست لحلو استخدام عناصر الدراما والتشويق ببراعة لجذب انتباه الجمهور، معالجا مفاهيم مثل سرقة السعادة والتلاعب بحياة الآخرين بطريقة تثير الفضول وتحفز المشاهد على متابعة الأحداث. لكنه هذه المرة لم يتمكن من ضبط أبعاد السيناريو في مسلسل “عام ونهار” بمستوى الدقة نفسه، مما أدى إلى عدم تحقيق التوازن اللازم بين التعقيد والتشويق اللذين كانا يميزان أعماله السابقة، حيث أن النتيجة كانت عدم استجابة المشاهدين بالشكل المأمول وإصدارهم تقييمات غير مرضية، في حين أن مسلسلات لحلو السابقة نجحت في إبقاء الجمهور مشدوداً للأحداث حتى النهاية وجعلته مهتما بشخصيات المسلسلات وتفاصيل قصصها.

الإخراج هو الآخر يشكو من بعض الهنات، حيث يظهر نقصا في الابتكار والإبداع، ونهجا عشوائيا نوعا ما في تكوين اللقطات وتسلسل المشاهد، وهذا ينعكس سلبًا على جودة العمل بشكل عام. ويظهر المسلسل كما لو أنه تم إنتاجه بسرعة ودون خطة عمل محكمة، وهذا يتطلب تحسينات كبيرة في جميع جوانبه لجعله أكثر جاذبية وإظهار قوته الدرامية.

وهنا يجيب أن نذكر بأنه من المهم على المخرجين التركيز على تطوير أساليب إخراجية جديدة ومبتكرة، والعمل على إعداد الممثلين بدلاً من تركهم يجتهدون. ويظهر المخرج أيوب لهنود في مسلسل “عام ونهار” بمهارات إخراجية لم تكن على مستوى التوقعات، حيث فشل في تنظيم المشاهد واللقطات بشكل منسق يعزز تسلسل الأحداث وقوة الرسالة الدرامية، وهذا النقص في الإخراج ترك أثرًا سلبيًا على تجربة المشاهدة، حيث تفتقر المشاهد للتأثير العميق الذي ينبغي أن يميز الأعمال الدرامية ذات الطابع الاجتماعي والإنساني.

وبالرغم من نجاحه في مسلسل سابق مثل “عرس الديب”، إلا أن المخرج أيوب لهنود أظهر ضعفًا في إدارته لأداء الممثلين في “عام ونهار”، إذ أن  الأداء الضعيف والتوجيه الضبابي للممثلين أدى إلى تقديم أداء درامي متواضع، حيث لم يتمكن الأبطال من استثمار قدراتهم بشكل كامل لإبراز العمق النفسي والتعقيدات التي تتسم بها شخصياتهم بالشكل المناسب.

◙ مسلسل "عرس الديب" يبرز بقوة في تنسيقه المحكم للمشاهد واللقطات وتقديم حوارات متقنة تعكس عمقًا دراميًا مميزًا

في المقابل، يبرز مسلسل “عرس الديب” بقوة في تنسيقه المحكم للمشاهد واللقطات وتقديم حوارات متقنة تعكس عمقًا دراميًا مميزًا، حيث يتمتع المسلسل بقدرة فائقة على جذب الانتباه والحفاظ على تشويق المشاهدين، مما يجعله واحدًا من الأعمال التلفزيونية الملهمة والمحبوكة بدقة في الدراما الاجتماعية المغربية.

أما فيما يتعلق بالممثلين، فتألقت الممثلة سلوى زرهان في تقديم شخصية نورا، الأم والعشيقة التي تسعى جاهدة لحماية ابنها وتوفير حياة مستقرة لها، ولكن ما زالت سلوى زرهان لم تتخلص بعد من العديد من الشخصيات التي لعبتها مثل دور سليمة في مسلسل “المكتوب”. أما عادل أباتراب فيجسد شخصية صحفي وزوج عنيد ومتحكم، وهي شخصية لم تكن مقنعة واختياره لهذا الدور لم يكن موفقًا على الرغم من قوة الممثل وموهبته. أما ظهور الممثل عبدالغني الصناك والممثل ميلود الحبشي فكان بادرة طيبة واختيارًا يحسب لإدارة الكاستينغ، لأن الممثلين من رواد التمثيل في المغرب و غابا عن الميدان سنين طويلة.

الممثل عبدالغني الصناك خريج المعهد العالي للتمثيل بالرباط وشارك في العديد من الأعمال الفنية، من بينها الفيلم التلفزيوني “موسم جاف” مع المخرج رضوان القاسمي، إلى جانب ثريا العلوي، وهدى الريحاني، والمسلسل التلفزيوني “ادواير الزمان” مع المخرجة فريدة بورقية، إلى جانب مجموعة من الممثلين من قبيل محمد بسطاوي، وفاطمة تيحيحيت، وفاطمة وشاي، وسلسلة "زايد ناقص" الكوميدية، مع كل من محمد بن ابراهيم، وجواد السايح، والراحل إدريس الحدادي

أما الممثل القدير ميلود الحبشي، فهو ممثل ومخرج ورسام مغربي، وُلد في درب غلف بالدار البيضاء، إذ تخرج من المعهد البلدي للمسرح وعمل مع جيل الرواد مثل فريدة بورقية، وشارك في عدة أعمال مسرحية بالتعاون مع الفنان الطيب الصديقي ومصطفى الداسوكين. أما عن أعماله السينمائية، فقد شملت أفلام مثل "عرس الدم"، "لالة شافية"، "الزفت"، و"وقائع مغربية"، وقد أخرج وكتب سيناريو فيلم "حياة في الوحل"، بالإضافة إلى "التوفري"، وفي مجال المسلسلات، شارك في أعمال مثل "جنان الكرمة"، "شجرة الزاوية"، و"موعد مع المجهول".

05 يوليو 2024

هاشتاغ

التعليقات