عربي ودولي

العزلة تدفع الدبيبة إلى كسر القطيعة مع القاهرة
العزلة تدفع الدبيبة إلى كسر القطيعة مع القاهرة
تحرك رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة لكسر القطيعة مع القاهرة مع تزايد حالة العزلة والجمود التي تعيشها حكومته ويدرك أنها تمهد لاستبدالها بحكومة جديدة تنهي الانقسام وتشرف على إجراء الانتخابات، خاصة بعد أن عاد الحديث من جديد بشأن مفاوضات ليبية – ليبية في المغرب لبحث تشكيل حكومة جديدة.

وبحث الدبيبة، الخميس، مع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي سبل تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين وذلك خلال زيارة رئيس الحكومة الليبية إلى القاهرة التي تأتي بعد قطيعة دامت حوالي ثلاث سنوات.

وكانت آخر زيارة للدبيبة إلى القاهرة في سبتمبر 2021 حيث التقى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وبحث معه سبل إجراء الانتخابات، لتظهر لاحقا أزمة بين البلدين اتضحت عندما انسحب وزير الخارجية المصري السابق سامح شكري من اجتماع في الجامعة العربية احتجاجا على ترؤس نظيرته الليبية نجلاء المنقوش له.

ولم يعلن حينها بشكل واضح سبب اعتراض مصر على ترؤس المنقوش للاجتماع لكن أوساطا ليبية ومصرية رجحت أن تكون القاهرة قد بعثت برسالة من الانسحاب مفادها أنها لا تعترف بحكومة الوحدة الوطنية التي من المفترض أن ولايتها قد انتهت في ديسمبر 2021 .

ويعيش الدبيبة منذ فترة حالة من العزلة الداخلية والخارجية، حيث تتحرك الأطراف الليبية بما في ذلك من داخل مسقط رأسه مدينة مصراتة ذات الثقل السياسي والعسكري المهمين لتشكيل حكومة جديدة، وهو ما يبدو أنه بدأ يجد آذانا مصغية من المجتمع الدولي والبعثة الأممية.

أما على الصعيد الخارجي فقد تراجعت زياراته الخارجية كثيرا مقارنة بالسنوات الماضية حيث يفسّر مراقبون ذلك بتراجع الثقة بحكومته لاسيما مع وضعها الداخلي الصعب. واختار الدبيبة ملف الكهرباء الذي تحوّل إلى أزمة في مصر مؤخرا ليعبّر عن حسن نواياه حيث أكد استعداد بلاده لتقديم المساعدة بهذا الخصوص. وبحسب بيان لحكومة الدبيبة فقد تم الاتفاق على “تقديم الدعم اللازم لمصر في مجال الكهرباء، بهدف استقرار الشبكة العامة، وتفعيل الربط الكهربائي بين البلدين”.

وكان وزير الكهرباء المصري السابق محمد شاكر قال قبل التعديل الحكومي الأخير بفترة قصيرة إن الوزارة تجري دراسات لبحث إمكانية رفع قدرة خط الربط مع ليبيا من 150 إلى 2000 ميغاواط.

وأشار في تصريحات إعلامية إلى أن الشركة المصرية لنقل الكهرباء تقوم بعمل الدراسات الخاصة برفع جهد خط الربط بين مصر وليبيا من 220 إلى 500 كيلو فولت، لافتا إلى أنه تمت زيادة القدرات في يناير الماضي من 100 إلى 150 ميغاواط بناء على طلب الجانب الليبي.

تزايد وتيرة المشروعات المصرية في ليبيا شرقا وغربا وعدم وجود ممانعات من الدبيبة أوصلت رسالة إيجابية إلى مصر

ومهد الدبيبة لزيارته إلى مصر بالسماح لعدد من الشركات المصرية التي تنشط في مختلف المجالات بالاستثمار في مشاريع إعادة الإعمار في طرابلس بعد أن كان نشاط تلك الشركات يقتصر على المنطقة الشرقية في ليبيا.

وقالت مصادر مصرية لـ”العرب” إن تزايد وتيرة المشروعات المصرية في ليبيا شرقا وغربا وعدم وجود ممانعات من الدبيبة أوصلت رسالة إيجابية إلى مصر التي تواجه متاعب اقتصادية كبيرة، وترى أن عملية إعادة الإعمار في ليبيا واعدة، وتجب الاستفادة منها قبل أن تستقر أوضاع ليبيا وتتوزع كعكة إعادة الإعمار على قوى أخرى، ولذلك نجحت القاهرة في وضع قدم اقتصادية من خلال التعاون في مشروعات تنموية ليست بعيدة عن حكومة الدبيبة، التي حرصت على عدم تعطيل نتائج اتفاقيات أوصت بها اللجنة العليا المشتركة بين البلدين السنوات الماضية.

وكشفت المصادر أن المقاربة الاقتصادية داعمة للتصورات على المستويين السياسي والأمني، فقد تيقنت القاهرة أن دورها وتأثيرها في ما يجري داخل ليبيا يحتاج إلى امتلاك أوراق عدة ومتنوعة، وعدم تجاهل الأمر الواقع وتحدياته حتى لو كانت غير راضية عنه، لكن يمكن تغييره بالتواجد وليس عبر المقاطعة، لأن سحب الاعتراف المصري بالحكومة في طرابلس لم يؤثر على مكانة الدبيبة أو يضيف إلى معسكر الشرق الليبي مكاسب سياسية حقيقية، أو يمكّن مصر من القيام بتغيير في معادلة الحكم المزدوجة.

وشددت المصادر على أن استقبال رئيس الحكومة المصرية للدبيبة يعكس براغماتية سياسية غابت لفترة طويلة عن القاهرة، لكنها مضطرة إليها في ظل تعدد التوترات في دول الجوار، على أمل أن يفضي الاشتباك الإيجابي لتخفيف حدة التهديدات، لأن تحالفات الدبيبة ممتدة داخليا وخارجيا، ناهيك عن إمكانية تعظيم المكاسب الاقتصادية وهي زاوية حيوية في حسابات القاهرة حيال طرابلس في هذه المرحلة.

وبحسب بيان الحكومة الليبية فقد اتفق الدبيبة ومدبولي أيضا خلال اللقاء “على التعاون بين البلدين في تنفيذ المشروع الوطني للصرف الصحي الذي أطلقته حكومة الوحدة الوطنية، والاستفادة من التجربة المصرية في هذا الملف المهم”. وتطرق الطرفان إلى نتائج اجتماعات اللجنة العليا المصرية – الليبية المنعقدة في 2021 في القاهرة، والتنسيق لعقد الاجتماع القادم للجنة لزيادة التعاون وتعزيز الاستثمار.

05 يوليو 2024

هاشتاغ

التعليقات