عربي ودولي

مساعد عسكري للرئيس المصري مع زيادة حصة الجنرالات في المحافظين
مساعد عسكري للرئيس المصري مع زيادة حصة الجنرالات في المحافظين
حظيت التغييرات الكبيرة في الحكومة المصرية الجديدة والتعديلات التي أجريت على رؤساء المحافظات التي أعلن عنها، الأربعاء، باهتمام دوائر سياسية عديدة، لأنها تعيد هيكلة الجهاز التنفيذي في الدولة ليصبح أكثر قوة وحسما وإنجازا.

ولفت نظر المراقبين في التغييرات زيادة مكانة الجنرالات في منظومة الحكم، حيث تم إعفاء وزير الدفاع الحالي الفريق أول محمد زكي وتعيينه مساعدا للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لشؤون الدفاع، ويصبح في المكانة نفسها التي يشغلها سلفه الفريق أول صدقي صبحي بعد إعفائه من منصبه كوزير للدفاع قبل ستة أعوام.

وتم توسيع صلاحيات الفريق كامل الوزير وزير النقل، حيث ضمت إليه وزارة الصناعة والتجارة، وعيّن نائبا لرئيس الحكومة، وهو من الشخصيات التي يثق بها السيسي لقدراتها العالية على الإنجاز سريعا، ومعروف عنه الصرامة في الإجراءات التي يقوم بتنفيذها منذ أن كان رئيسا للهيئة الهندسية التابعة للجيش المصري.

وعيّن الرئيس السيسي الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان القوات المسلحة، مستشارا لرئيس الجمهورية للشؤون العسكرية، وهو منصب يشبه ما يشغله رئيس الأركان الأسبق الفريق محمود حجازي، حيث يشغل موقع مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط الإستراتيجي وإدارة الأزمات بعد تقاعده.

ومعروف عن الرئيس السيسي منذ بداية حكمه عام 2014 منحه مناصب شرفية لعدد كبير ممّن عملوا إلى جواره وشغلوا مواقع حيوية كمساعدين أو مستشارين له في تخصصات مختلفة، وليس بالضرورة أن تكون الشخصية عسكرية أو شرطية، فهناك مدنيون يعملون أيضا مساعدين للرئيس.

وعيّن السيسي كلا من رئيس الحكومة الأسبق إبراهيم محلب والراحل شريف إسماعيل في منصب مساعد الرئيس للمشروعات القومية والإستراتيجية، وثمة عدد من المسؤولين السابقين يحظون بصفة مستشار في ديوان رئاسة الجمهورية، ربما لا تسند إلى بعضهم أعمال محددة.

وارتبط في أذهان شريحة من المصريين أن التعيين في منصبي مساعد الرئيس أو مستشاره في مجال معين، نوع من التكريم السياسي أو تعبير عن مكافأة شرفية في نهاية الخدمة، أو إقالة بطريقة ناعمة، وذلك منذ إقالة وزير الدفاع المشير (الراحل) محمد عبدالحليم أبوغزالة عام 1989 وتعيينه مساعدا للرئيس الأسبق (الراحل) حسني مبارك، إثر أزمة تسبب فيها الرجل بين القاهرة وواشنطن، وقيل وقتها إنها تتعلق بنقل معدات عسكرية دقيقة من الولايات المتحدة إلى مصر، ثم استقال من منصبه كمساعد للرئيس عام 1993.

لواء من الجيش والشرطة، علاوة على قائد فريق من الجيش، عينوا في منصب محافظ

وتزايد دور القيادات العسكرية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهناك 15 لواء من الجيش والشرطة، علاوة على قائد فريق من الجيش، عُيّنوا في منصب محافظ إقليم في التغييرات الجديدة، وأدوا اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية الأربعاء.

وتوقفت دوائر سياسية من قبل عند زاوية توسيع الاستعانة بالجنرالات في عهد السيسي، واعتبرته نوعا من الثقة الكبيرة بهم، ومكافأة سخية تمنح لمن أثبتوا ولاءهم لنظامه وتشجع من هم في الخدمة حاليا على إظهار المزيد من الوفاء والإخلاص.

لكن دوائر أخرى أرجعت الأمر إلى الثقة الزائدة برجال الأمن عموما من جانب السيسي، حيث يعلم تفكيرهم جيدا، بحكم أنه ينتمي إلى المؤسسة العسكرية قبل أن يصبح رئيسا لمصر، ويريد توسيع نطاق الحسم والصرامة والسرعة في إنجاز المهام، وهي من أبرز الخصال التي يتمتع بها العسكريون، وتتراجع عند الكثير من المدنيين في مصر، ما جعل السيسي يميل للاستعانة بالفريق الأول في مناصب عدة بالدولة.

وأدت زيادة الاستعانة بالجنرالات إلى انتشار مفهوم “العسكرة”، وهي كلمة ساخرة أطلقتها قوى سياسية للتدليل على حجم الدور الذي يلعبه الجيش في الحياة المصرية، وتوقف عندها رجال عسكريون وفسروا تعاظم دورهم في مجالات بعيدة عن اختصاصات الجيش بأن الدولة تواجه تحديات تتطلب من يتعامل معها بشدة.

وأوضح الخبير العسكري اللواء نبيل أبوالنجا أن الاستعانة بشخصيات لها خلفية عسكرية في المحافظات الحدودية أمر ضروري للغاية، لأن هذه المناطق تشهد تنسيقا مستمرا بين الأجهزة الأمنية، وفي حاجة إلى شخصيات على دراية بالجوانب المعلوماتية والعسكرية، وهؤلاء يقع الاختيار عليهم بدقة للحفاظ على الأمن القومي.

وذكر في تصريح خاص لـ”العرب” أن عناصر تنظيم الإخوان اعتادت على تشتيت الانتباه نحو قضايا لا تشغل الرأي العام المصري، بغرض التشكيك في خطوات القيادة السياسية بشكل مستمر، ومهما كانت الاختيارات يصعب إرضاء مجموعة لديها رغبة في الهدم وليس البناء.

ودرج رؤساء مصر السابقون على الاستعانة بقادة عسكريين في المحافظات الحدودية، لما لديهم من خبرات تؤهلهم للتعامل الأمني مع أيّ خروقات يمكن أن تحدث، لكن في عهد الرئيس السيسي لم ينحصر الأمر في المحافظات النائية فقط، حيث تولى منصب محافظ جنرالات في أقاليم – محافظات غير حدودية.

وقال مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق اللواء محمد نورالدين إن تواجد شخصيات لديها خلفية عسكرية، تنتمي إلى الجيش والشرطة، على رأس بعض المحافظات أمر اعتاد عليه نظام الحكم في مصر منذ سنوات طويلة، وإن التوترات الأمنية القائمة بشكل مستمر على الحدود تفرض تواجد عدد من المحافظين لديهم خلفية عسكرية في هذه المناطق خلال الفترة الراهنة التي تشتعل فيها الأوضاع في اتجاهات جغرافية ذات أهمية إستراتيجية فائقة للأمن القومي المصري.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن حوادث الثأر والتوترات الأمنية في محافظات الصعيد (جنوب مصر) تدفع نحو اختيار محافظين سبق وأن شغلوا مناصب أمنية بما لديهم من خبرات في التعامل مع كبار العائلات والتخفيف من حدة أيّ مشكلات طارئة.

وشدد على أن الأمر لا يقتصر على العسكريين فحسب، فهناك استعانة بأساتذة جامعات ومهندسين ورجال قضاء، ومن لديهم خبرات تنفيذية في مجالات متنوعة، وأن القيادة السياسية تبحث عمّن لديهم كفاءة في التعامل مع الأزمات المرتبطة بالأقاليم.

وأشار نورالدين إلى أن المصريين لا يشغلون أنفسهم كثيرا بخلفيات المحافظين أو المسؤولين، والعبرة عندهم تكمن في مدى كفاءة المسؤول وجديته، ومن يضخم الاستعانة بجنرالات غالبيتهم ينتمون إلى جماعة الإخوان الذين أثبتوا فشلهم في الحكم.

04 يوليو 2024

هاشتاغ

التعليقات