اعتقلت الشرطة اليمنية بمحافظة حضرموت عارضة الأزياء اليمنية خلود باشراحيل مع زوجها بعد ظهورها في مجموعة صور معه دون حجاب أو عباءة، ما أثار موجة جدل واسعة في البلاد وانتقادات من الناشطين على مواقع التواصل قائلين إن السلطات في حضرموت لا تختلف عن الحوثيين ونظام الملالي الإيراني.
قال مصدران لرويترز إن الشرطة ترفض إطلاق سراح عارضة الأزياء وزوجها بعد ظهورها في مجموعة من اللقطات المصورة والصور في حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي بدون ارتداء الحجاب أو العباءة التي ترتديها معظم النساء في اليمن. وأضافا أن السلطات لم توجه لهما اتهامات بعدُ.
وتقع حضرموت بجنوب شرق اليمن ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا ولم يصدر بعد تعليق من السلطات الأمنية في المكلا عاصمة حضرموت بشأن اعتقال خلود باشراحيل. وقال المصدران إن عارضة الأزياء احتجزت ثاني أيام عيد الأضحى.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر اعتقال عارضة الأزياء وتضامن غالبية الناشطين معها، وعلق ناشط:
وقارن العديد من الناشطين بين ممارسات السلطات في المكلا وممارسات الحوثيين معتبرين أن الانتهاكات ضد الحريات الشخصية لا تختلف:
وعلقت ناشطة:
وطالب الكثير من المستخدمين بإطلاق سراح باشراحيل وزوجها، وجاء في تعليق:
ودعت خلود باشراحيل في تسجيلات مصورة على منصات التواصل الاجتماعي إلى “التحرر ورفض الأفكار التقليدية والمتشددة”. كما أعلنت مؤخرا أنها قررت خلع الحجاب. وأثارت الصور والمقاطع المصورة جدلا واسعا، حيث شن متشددون هجمة شرسة عليها متهمين إياها بالبحث عن الشهرة، وقال أحدهم:
وسخر آخر:
واستذكر ناشطون ممارسات الحوثيين التي يدينها اليمنيون وباتت نموذجا لانتهاكات الحريات الشخصية، مشيرين إلى حكم محكمة تابعة لجماعة الحوثي في صنعاء على عارضة الأزياء والممثلة اليمنية انتصار الحمادي وثلاث نساء أخريات بالسجن بعد إدانتهن بارتكاب “فعل فاضح”.
ودون محاكمة عادلة أو معاملة إنسانية، مثلت انتصار الحمادي (20 عاما) أمام المحكمة الابتدائية في صنعاء الخاضعة لسيطرة أنصار الله (الحوثيين)، مطلع السابع من فبراير 2021، بتهمة ارتكاب “فعل فاضح”، وأصدرت المحكمة قرارا بسجنها خمس سنوات مع زميلتها يسرى الناشري وأخريات، وهو ما أيدته محكمة الاستئناف بعد عامين، في الثاني عشر من فبراير 2023.
وفي 2023/9/19، قدم المحامي صقر السماوي (الذي وكلته انتصار في الأشهر الأولى بالدفاع عنها أمام المحكمة) طعنا في الحكم إلى المحكمة العليا، إلا أنها لم تبت فيه حتى بعد دخول انتصار عامها الرابع وهي خلف قضبان السجن تنشد الحرية.
وفي العشرين من فبراير 2021، كانت انتصار وزميلتها يسرى الناشري في سيارة في حي شملان، شمالي غرب صنعاء، عندما تم إيقافهما من قبل نقطة عسكرية مستحدثة، وتم تفتيش حقائبهما الخاصة التي لم تكن تحتوي سوى على هواتفهما الشخصية وأدوات تجميل. وتم اقتيادهما إلى سجن تابع للبحث الجنائي، غير المختص مكانيا، دون أن يصدر أي أمر قضائي بذلك، في مخالفة صريحة لنصوص الدستور اليمني الذي يحظر الاعتقالات التعسفية، وينص على حقوق المقبوض عليهم.
وقضية انتصار لفتت انتباه وسائل الإعلام المحلية والدولية، وحظيت بالدعم والمناصرة من قبل المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، التي استنكرت الانتهاكات التي تعرضت لها، وطالبت بالإفراج عنها وعن زميلاتها. ولكن هذا الدعم كان له تأثير عكسي على انتصار.
خلود باشراحيل دعت في تسجيلات مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي إلى التحرر ورفض الأفكار التقليدية والمتشددة
وهو ما كانت شاهدة عليه المحامية سماح سُبيع، حيث قالت إنه وعند حضورها إحدى جلسات المحاكمة، رأت كيفية تعامل السجانة مع انتصار حينما قامت بسحبها من مؤخرة رأسها بطريقة عنيفة وسيئة، وهو ما جعل سبيع تقوم برفع شكوى ضدها آنذاك، وقد تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق السجانة بحسب ما أبلغت به وزارة الداخلية المحامية سُبيع.
وتشهد اليمن تدهور الأوضاع المعيشية في أوساط السكان البالغ عددهم 33.32 مليون نسمة في العام 2021، حسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، ما دفع بالمرأة اليمنية إلى الخط الأمامي لمواجهة تداعيات الحرب الكارثية، والخروج للعمل من أجل مواجهة الظروف المعيشية الصعبة.
وعلقت الناشطة اليمنية منية محمد “إنّ اتجاه النساء اليمنيات نحو نشاط العمل كعارضات أزياء أو موديلات في الوقت الحالي، دون وجود أي تنظيم أو تشجيع رسمي، يعتبر هذا النشاط كغيره من الأنشطة، أو على الأقل باعتباره عملا لا يختلف عن غيره من الأعمال، يشير إلى أن هذا النشاط مجرد إجراء نشاط نسوي، لجأت إليه النساء لأجل التخفيف من الأعباء، كمحاولة نسوية للتكيف الاجتماعي والاقتصادي”.
وتابعت “إن تقيد نشاط هؤلاء النساء أثناء العمل، وإلزامهن بشكل كبير بالظهور بالأزياء الخارجية الخاصة بالنساء أو التراثية فقط دون غيرها من الملبوسات النسائية، يعتبر في الوقت الحالي قفزة نوعية في بلد ‘ذكوري يغلب عليه طابع النظرة السلبية، لكل ما تقوم به المرأة من أنشطة وأعمال'”.
وترى هناء الحارثي، الباحثة اليمنية في مجال التراث والأزياء، أن ما يشهده اليمن من انتعاش محلي في عالم الخياطة، ومواكبة التطور التكنولوجي، ساهم نوعا ما في تغيير نظرة المجتمع للعارضة، وتقبل عملها، وأصبح ما كان لا يمكن تقبله عادة ممارسة في الواقع.
ويتفق مع رأي الحارثي، الاقتصادي اليمني أحمد شماغ بأن عمل عارضات الأزياء أمر هام ويؤدي بشكل عام إلى تمكين المرأة، والحد من نسبة الفقر في أوساط المجتمع، وإشراك المرأة في التنمية الاقتصادية.