قرأت الخبر .. العليمي يكرم القائدين البطلين اللواء محمود الصبيحي واللواء فيصل رجب ، وفكرت بالكتابة عن الصورة ، لا الحدث ، قلت اعتقد ان الصورة ذاتها تمثل ذروة الهيانة للعليمي، الرجل يعرف ان مشهدا كهذا يعيد الى الواجهة تسليمه تعز للحوثي ، وتصفيقه الحار لمحافظ تعز السابق شوقي هائل حين قال يومذاك " تعز لن تدافع عن الاخرين " قاصدا الجنوب والعاصمة عدن .
مد العليمي يده ليضع اوسمة الشجاعة لجنرالات الجنوب الصبيحي ورجب ومنصور ، سيكون في تقديري صادقا ، لو انه في ذات الاثناء قد سأل نفسه .. ماذا عن ذاكرة الناس في اليمن والجنوب ، عن العليمي الذي واصل فراره من عمان الى الرياض حين وقع الصبيحي ورجب ومنصور في الاسر بالخطوط الامامية بجبهة لحج ، سأحترمه لو انه، إستهل مراسيم وضع الاوسمة، بتقبيل قدم اللواء محمود الصبيحي ، يقبلها لثباتها على الارض ، وهي الطريقة الانسب لحمل الصبيحي على الصفح والعفو عن العليمي، على جريرة محاولة
إغتياله في تعز حينما كان قائدا للمنطقة العسكرية الرابعة ، وكان العليمي ذراع عفاش الخاصة في تصفية الكوادر العسكرية الجنوبية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، وقبلها كان وحسب إعتراف طارق الفضلي المشرف على تصفية كوادر الحراك الجنوبي .
في الكتابة عن الصورة ذاتها ، قلت سيعتقد بعض الجنوبيين ان هذا نصرا للعليمي ، سيقولون يكرم ويرقي ويمنح الاوسمة .. اين المجلس الانتقالي !! اين الرئيس عيدروس الزبيدي ؟ ويتخذون من ذلك فرصة سانحة ، لجلد الذات وإشعال مفرقعات الشتائم في مسار المجلس الانتقالي وبث معلقات الاحباط والشك والإرتياب .
نجاح المجلس الانتقالي وقيادته مرهون بزخم النخب الجنوبية المثقفة المنافحة عنه وبالالتفاف والتأييد والاسناد الشعبي له
ومهمة المجلس الانتقالي في هذه المرحلة المفصلية ليست سهلة مطلقا لكن رهانه ومسعاه وعلى كل المراحل لم يكن فيها خاسرا على الاطلاق ، بل كان الرابح على كافة الجبهات التي يخوضها في الداخل والخارج.
لدينا مشكلة، تسمى التوجس والاضطراب بهواجس الشعور بالضعف ، التي ترعرت فينا منذ زمن القهر والغبن اليومي، هذا الزمن إنتهى وولى الى غير رجعة ، فيما هذه الهواجس تكبر فينا وتتضخم ، بل اصبحت تشكلنا وتتحكم بنا الى مستوى عدم قدرتنا على التصديق بإنتصاراتنا وانجازاتنا التي تحققت بقيادة المجلس الانتقالي سياسيا ودباوماييا و عسكريا وامنيا.
صحيح ثمة جوانب بذات الاهمية لم يحسم امرها كالجانب الاقتصادي والخدمي والمعيشي الذي يمس حياة المواطن ، لكن علينا الايمان بأن إخراج الاحتلال وعصاباته من حياتنا يبدأ اولا من المعترك السياسي والعسكري .
نحن نصارع خفافيش " عرزة " وسط ظلام حالك ، علينا ان نلاحقها بتروي من ركن الى ركن ومن زاوية الى اخرى ، وفي هذا المضمار ، تراهن على نفاذ البصيرة اكثر من البصر ، ملعبها لم يعد واسعا ، محشورة في اضيق الزوايا ، لكنها تستفز فعلا ، تحاول الإلتصاق بهذا الملف الجنوبي ، والقفز الى آخر لخلط اوراقه، هذه الخفافيش تراقب واقع علاقتنا بمجلسنا الانتقالي، تحاول ضربها ، وتعمد على مشاغلة هذه العلاقة، وترى ان نجاحها في جعل المجلس الانتقالي ضحية موزعة بين الاقلام الجنوبية النزقة نافذة البصر والبصيرة وقرائها المتأثرين بعامل التكرار .
الواقع معقد فعلا ، لكن عزيمة مغالبته وتجاوزه في سياق ومسار قضية الجنوب السياسية وتحقيق اهدافها وعلى راسها إستعادة دولة الجنوب ، لا تسمح الجمع بين اليأس والاحباط من جهة و الإيمان بذات الهدف والعمل من اجله كلا من موقعه من جهة أخرى .. لا يعطيك ويعطيني حق المزاوجة بين التحذير من قوى الاحتلال وبين التحريض ضد المجلس الانتقالي، الذي فوضناه انا وانت وكل شعب الجنوب، كقائد وحامل سياسي للجنوب وممثل الوحيد لقضيته والمعبر عن إرادته ، لا يجوز لك ان تتغنى بقواتنا المسلحة الجنوبية، كمدخل للتقليل من شأن المجلس الانتقالي الذي تمثل قواتنا المسلحة اعظم إنجازاته .