تقارير

مروحة تناقضات على لسان المبعوث الأميركي لليمن: حرب ولا حرب
مروحة تناقضات على لسان المبعوث الأميركي لليمن: حرب ولا حرب
 تضمنت تصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ الأربعاء مروحة من المتناقضات تظهر حجم المأزق الذي تعيشه الدبلوماسية الأميركية في التعامل مع إيران ووكلائها في المنطقة وكيفية معالجة الأزمة في البحر الأحمر.

وفي الوقت الذي كانت فيه الطائرات الأميركية تستهدف ترسانة الحوثيين التي تهدد أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر، جاء كلام ليندركينغ متناقضا؛ فهو مع الحرب وضدها، ويتخوف من أن يقود الرد الأميركي إلى تقويض رغبة الحوثيين في السلام، مادحا مصداقية الحوثيين “كجهة فاعلة حسنة النيّة في اليمن”.

وقال ليندركينغ عقب جولته في السعودية وسلطنة عمان “أعتقد أن ضغط التحالف الأميركي على الحوثيين بشن غارات قد يثنيهم عن السير في هذا الطريق، ولكن في نهاية المطاف يجب إيجاد حل دبلوماسي”.

وذهب أبعد من ذلك حين قال “نفضل الحل الدبلوماسي ونعلم أنه لا يوجد حل عسكري”، وهو ما يفهم منه أن واشنطن مكرهة على استهداف مواقع الصواريخ والمسيرات الحوثية، وأنها أقرب إلى الندم والتراجع منهما إلى الاستمرار في مسعاها لفرض الأمن في البحر الأحمر وتأمين الملاحة وحركة نقل النفط وحماية الاقتصاد العالمي.

ليندركينغ لم يشر إلى وضع الإقليم وبدا أن هدفه هو إرسال إشارات إلى الحوثيين وإيران تطمئنهم بأن التصعيد ظرفي

ولا شك أن هذه التصريحات المضطربة ستمنح الحوثيين دفعا إضافيا يدعم استمرار هجماتهم الاستعراضية التي تستهدف السفن، وهو ما بدا واضحا في تعليق زعيم جماعة أنصارالله عبدالملك الحوثي الأربعاء، حين أكد أن جماعته “لن تساوم” في موقفها من القضية الفلسطينية ولن تتراجع عنه.

ومن علامات التناقض في كلام المبعوث الأميركي أنه يقلل جدوى تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية من ناحية، ومن ناحية أخرى يقر بإمكانية أن يسلط التصنيف “ضغوطا إضافية” على الجماعة المتحالفة مع إيران وربما يثنيها عن شن هجمات على السفن.

ويخفي اضطراب الموقف من الحوثيين إرباكا أميركيا أشمل في العلاقة مع إيران؛ فواشنطن لا تريد أي اشتباك مع طهران بأي شكل من الأشكال خوفا من تهديد مصالحها في المنطقة في ظل توسع أنشطة وكلاء إيران من العراق وسوريا إلى لبنان واليمن وغزة.

ولم يشر ليندركينغ تصريحا ولا تلميحا إلى خوف بلاده على أمن دول الإقليم ومصالحها بما في ذلك دول الخليج ودورها في التعامل مع الخطر الحوثي، وبدا أن هدفه هو إرسال إشارات إلى الحوثيين وإيران تطمئنهم بأن التصعيد ظرفي ولا يجب أن يتجاوز قواعد الاشتباك الحالية.

ويشنّ الحوثيون، الذين يُسيطرون على جزء كبير من ساحل اليمن المطلّ على البحر الأحمر، عشرات الهجمات بصواريخ ومسيّرات ضدّ سفن تجاريّة منذ أكثر من أربعة أشهر، تضامنًا مع الفلسطينيين في قطاع غزّة، حيث تشن إسرائيل حربًا ضدّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ونشرت دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، بوارج في البحر الأحمر وشكلت واشنطن تحالفا بحريا دوليا لحماية الملاحة في المنطقة الإستراتيجية التي تمرّ عبرها 12 في المئة من التجارة العالمية.

وألقت الأزمة بظلالها على محاولات إنهاء الحرب الأهلية في اليمن، والتي كادت تفضي في ديسمبر الماضي إلى الإعلان عن خارطة طريق للسلام.

وحذّر ليندركينغ من أنه “بينما لا يزال هناك دعم دولي واسع النطاق لعملية سلام يمنية – يمنية شاملة لإيجاد حل دائم للصراع في البلاد، فإن المفاوضات الناجحة صعبة للغاية طالما استمر الحوثيون في أعمالهم العدوانية”. وأضاف أنه “في غياب تسوية سياسية، نخشى أن تتفاقم الأزمات الإنسانية والاقتصادية في اليمن”.

وأشار المبعوث الأميركي إلى أن وصول الشحنات إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون والذي يعد “شريان الحياة للشعب اليمني” انخفض بنسبة 15 في المئة بسبب الهجمات.

وإذ يشنّ الحوثيون معظم هجماتهم بمسيّرات وصواريخ بالستية، فقد استولوا أيضا على سفينة “غالاكسي ليدر” بطاقمها الدولي في نوفمبر الماضي.

اضطراب الموقف من الحوثيين يخفي إرباكا أميركيا أشمل في العلاقة مع إيران؛ فواشنطن لا تريد أي اشتباك مع طهران

وقال ليندركينغ “للأسف، قوّضت تلك الهجمات ضد الشحن الدولي مصداقية الحوثيين كجهة فاعلة حسنة النيّة في اليمن”، داعيا إياهم إلى إطلاق سراح طاقم سفينة “غالاكسي ليدر”.

ولم يكن خطاب المبعوث الأميركي المتفهم لنوايا الحوثيين وليد اللحظة، فقد سبق أن تغافل عن شكاوى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وشكاوى السعوديين من تجاوزات الحوثيين.

وقبل أسابيع قال ليندركينغ “حدث شيء مهم جدا في ديسمبر، وهو التقدم الهائل الذي تم إحرازه نحو الانتهاء من خارطة طريق بين السعوديين والحوثيين والحكومة اليمنية، لقد كانوا يعملون على ذلك لمدة عام، بتشجيع قوي من الولايات المتحدة”، مؤكدا أن بلاده” تواصل العمل بلا كلل مع شركائها لبناء توافق دولي في الآراء لدعم السلام”.

ويشجع الخطاب الأميركي المتسامح الحوثيين على الاستمرار في التصعيد الداخلي. وقتل 11 جنديّا من القوات اليمنية وأصيب آخرون بجروح فجر الأربعاء إثر هجوم حوثي جنوب البلاد، بحسب ما أكدته مصادر عسكرية في القوات الحكومية اليمنية.

وقال المتحدث باسم القوات الجنوبية المنضوية تحت لواء الحكومة العقيد محمد النقيب “قتل 11 من القوات الحكومية (بعدما) تمكنّا من كسر الهجوم الحوثي المباغت”.

وأكد مسؤول عسكري آخر أن “القوات الحكومية المرابطة في جبهة كرش التابعة لمحافظة لحج وعلى خطوط التماس مع تعز التي يسيطر الحوثيون على جزء كبير منها، أحبطت هجوما مباغتا (للمتمردين) وتمكنت من صده وقتل عدد منهم”.

04 أبريل 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة