اعتذرت الفنانة التونسية يسرى محنوش للشاعر اليمني الشاب عبدالغفور عبدالله بعد أن سجلت إحدى قصائده بصوتها ونشرتها منسوبة إلى الشاعر إيليا أبوماضي، وقالت مساء الأحد إنها ستعيد الحق إلى صاحبها بكتابة اسمه على فيديو كليب القصيدة.
ودونت المحنوش على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “أحبابي في جميع أنحاء وطننا العربي الكبير وأخص بالذكر أحبابي في اليمن السعيد موطن العز والشهامة والكرم، سيتم تغيير إسم الشاعر في الفيديو في أجل أقصاه 24 ساعة بعد أن ثبت أن القصيدة تعود إلى الشاعر اليمني عبدالغفور عبدالله، وهذا ليس بغريب على أهل اليمن أصحاب الذوق الرفيع”.
جدل حول القصيدة
وأكدت محنوش أن الخطأ حصل دون قصد منها، وأنها اعتادت على ألا تستولي على حق أي طرف طوال مسيرتها الغنائية، مردفة “رب ضارة نافعة فمن خلال هذا الخطأ تعرفت على شاعر قيم وأيقنت مدى صدق اليمنيين وأمانتهم”.
وكان الشاعر اليمني تطرق إلى القضية يوم السبت، وقال “قمة القهر أن ترى عملك ينسب إلى غيرك، بينما أنت لا تستطيع أن تفعل شيئا”. وأضاف “قبل أيام نشرت مقطعا قصيرا للفنانة التونسية يسرى محنوش من صفحة الموسيقار طلال، وهي تغني جزءا من قصيدتي ‘إذا ألقى الزمان عليك شرا’ الموثقة في ديواني الشعري ‘أنا والظل’، حاولت التواصل مع الفنانة يسرى محنوش والموسيقار طلال ولكن لم أستطع الوصول إليهما، ولم يتجاوب معي أحد، فاكتفيت بالسكوت. وها هي الفنانة تقوم بعرض العمل كاملا على قناتها في يوتيوب باسم إيليا أبوماضي”.
وتابع “لن أسكت هذه المرة عن حقي ولن أكتفي في كل مرة بالاعتذار. سأطالب بحقي ولو بقيت وحيدا. وأنا أثق فيكم أصدقائي أنكم لن تخذلوني وستساندونني كما فعلتم سابقا”.
وتقول بعض أبيات القصيدة: “إذا ألقى الزمان عليك شرا / وصار العيش في دنياك مرا/ فلا تجزع لحالك بل تذكـر/ كم أمضيت في الخيرات عمرا/ وإن ضاقت عليك الأرض يوما/ وبت تئن من دنياك قهرا/ فرب الكون ما أبكاك إلا/ لتعلم أن بعد العسر يسرا/ وإن جار الزمان عليك فاصبر/ وسل مولاك توفيقا وأجرا/ لعل الله أن يجزيك خيرا/ ويملأ قلبك المكسور صبرا”.
وكان الشاعر اليمني الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره قال في تصريحات سابقة إنه كتب القصيدة عام 2017 محاكاة لضيق الحال الذي يمر به الكثير من أبناء اليمن، نتيجة توقف الرواتب والوظائف، وتعثره في إكمال دراسته بكلية الآداب، حيث كان طالبا في السنة الثانية في قسم الإعلام، ولم يتمكن من إكمال دراسته حتى اليوم، مشيرا إلى أنه كتبها كي يحث الناس على الثقة بالله، ويمنحهم الشعور بالأمل، وأن هذه الظروف الصعبة التي نمر بها ستزول قريبا، وفق تعبيره.
بدوره خاطب الفنان اليمني عبدالله آل سهل الناشطين من أبناء بلده، بالقول إن “الحق سيعود لصاحبه بأي حال من الأحوال، ولكن أرجو منكم ألا تخطئوا في حق يسرى محنوش كفنانة لأنها لم تكن هي السبب، ولأنها قريبة من اليمنيين في القاهرة وصديقة جميع اليمنيين في الوسط الفني وتحب اليمن كحبها لبلدها”.
وتابع “الخطأ ليس منها بل من الملحن والمنتج والمشرف العام على العمل، لأن من قام بالتلحين والإنتاج هو اسم كبير في الساحة الفنية العربية يعرف ما له وما عليه ويقدر جهود الآخرين، ولا أعتقد أنه سيرضى بأن ينسب الحق إلى غير أهله، وأعتقد أنه لم يتعمد ذلك الخطأ وأنا على ثقة بأن الحقوق ستعود إلى الأستاذ عبدالغفور عبدالله على أية حال، أما بالنسبة إلى الفنانة يسرى فقد كانت الصوت المؤدي للعمل فقط لا غير، لا علاقة لها باختيار النص وتلحينه وإنتاجه”.
وتحتاج الشركة المنتجة لأغنية يسرى محنوش الجديدة إلى الحصول على تصريح رسمي من الشاعر لنشر الأغنية واستغلالها، وذلك بعد تمكينه من كافة حقوقه المادية والمعنوية.
بسبب مواقع التواصل
الشركة المنتجة لأغنية يسرى محنوش الجديدة تحتاج إلى الحصول على تصريح رسمي من الشاعر لنشر الأغنية واستغلالها
اعتادت صفحات كثيرة في مواقع التواصل الاجتماعي على نشر القصيدة منسوبة إلى الشاعر إيليا أبوماضي (1889 – 1957)، أحد أبرز شعراء لبنان والمهجر في النصف الأول من القرن العشرين ومن أبرز مؤسسي الرابطة القلمية.
وفي مارس 2020، في ظل أزمة كورونا، قام الفنان العراقي كاظم الساهر بتقديم القصيدة ملقاة بصوته على مواقع التواصل الاجتماعي، ونسبها إلى الشاعر إيليا أبوماضي، كما ألقاها بصوته الصحافي الرياضي على قناة “إم بي سي” مصطفى الآغا، وهو ما أثار جدلا واسعا بين الناشطين اليمنيين بعد أن أكد الشاعر عبدالغفور عبدالله أنها من إبداعاته وأنه نشرها لأول مرة في نوفمبر من عام 2017. وقال “حقيقة يشرفني إلقاء القيصر والآغا للقصيدة، لكن كنت أتمنى أن يتم نسبها إلي، وآمل أن يرد لي اعتباري بحقي الأدبي”، وهو ما تم بالفعل عندما اعتذر الرجلان لصاحب القصيدة وقاما بإصلاح الخطأ.
وبحسب المتابعين للمشهد الثقافي والإعلامي، فإن مواقع التواصل الاجتماعي أدت إلى الكثير من الأخطاء في حق مبدعين بأن تنسب أعمالهم إلى أسماء أخرى معروفة أو مجهولة، أو تنسب إليهم قصائد ومقولات لا تمت لهم بصلة من قريب أو بعيد، كما حدث مع قصيدة “ستنتهي الحرب” التي سجلتها المطربة اللبنانية كارول سماحة في ألبومها الذهبي من ألحان تيسير عبود، ونسبتها إلى الشاعر الراحل محمود درويش، قبل أن يتبين في فبراير 2023 بعد أيام قليلة من ترويج الألبوم أن لا علاقة لها بالشاعر الفلسطيني وقد تكون مجرد خواطر نشرها صاحبها على فيسبوك وأراد لها الانتشار بأن نسبها إلى الشاعر الكبير.