البشرية تعيش اليوم في قبضة الزمن. يقول المعلق الثقافي الفرنسي فرانسوا تورنيه: «ذلك الشعور الملح بوجوب حشر أقصى عدد ممكن من الفعاليات ضمن أقصر وقت ممكن، جعلنا سجناء للحاضر. نحن نعيش في مجاعة للوقت».
يتفاوت إيقاع الحياة تفاوتاً ملحوظاً بين ثقافة وأخرى. أن تتأخر ساعة كاملة على موعدك في البرازيل لا يعد أمراً مهماً. أما إذا تأخرت عشر دقائق في نيويورك أو فرانكفورت أو طوكيو، فعليك أن تبرر ذلك.
أظهرت دراسة أجراها روبرت ليافين، الأخصائي بعلم النفس الاجتماعي، في ولاية كاليفورنيا، أن الجدير بالملاحظة أن الدول «السريعة» هي تلك التي تتمتع باقتصاد قوي، أما الدول البطيئة فهي فقيرة نسبياً.
كيف يمكن لكتلة وزنها ثلاثة باوندات من المادة الرمادية الطرية داخل رؤوسنا، أن تعي مرور الزمن؟ لا توجد حتى اليوم إجابة بسيطة. الدماغ هو عضو الوعي، نعرف أنه يضم 100 مليار خلية عصبية تقريباً.
هذا العدد يساوي بالصدفة، عدد النجوم في مجرة نموذجية! وكيف يقوم دماغنا بترميز المعلومات، وفك ترميزها؟ الذاكرة هي وظيفة واضحة من وظائف الدماغ ويعتبرها العلماء المعاصرون أنها عملية، أو مجموعة من العمليات. الأحداث في رواية فيرجينيا وولف «مسز دالوي» مثلاً تحدث خلال يوم واحد، لكن تتمدد عبر عقود في ذهن الشخصية الرئيسية. «إندل تولفنغ» يعمل في برنامج للأبحاث ضمن معهد بايكريست كان من الأوائل الذين استعملوا تعبير «السفر ذهنياً عبر الزمن». وذاكرة الفلاش هي ذكريات تترافق مع أحداث مهولة، أو صادمة: اغتيال جون إف. كنيدي، وانفجار مكوك الفضاء تشالنجر عام 1986، وموت الأميرة ديانا 1997، وأخيراً الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
حتى الرئيس الأميركي بوش أدلى بشهادات مختلفة عن تلك الهجمات وكأنه كان يعاني من صعوبة تذكّر ما وقع في صبيحة ذلك اليوم. بعد شهور تذكّر الأحداث على نحو مختلف... «لا بد أن الطيار قد أصيب بنوبة قلبية».
أرسى إسحاق نيوتن (1642 – 1727) في نظريته «البرنسيبا» الإطار الرياضي الذي سيشكل أساساً للفيزياء طيلة ما ينوف على مائتي عام. عاش في عزلة صارمة وكتب أعظم إنجازاته الفكرية على ضوء الشموع، في غرفته في كامبريدج. احتفظ نيوتن لنفسه بمعظم أفكاره تلك. راسله الدارسون من شتى أنحاء أوروبا، لكنه لم يرد عليهم في أغلب الأحيان. كان ينسى أن يأكل ويشرب. كان ما كتبه أهم ما كتب في الفيزياء يوماً. اعتبر نيوتن نظريته عن الزمن المطلق بمنزلة برهان على عظمة الله.
حصل أينشتاين (1879 – 1955) على أول عمل له في مدينة بيرن السويسرية، وهو فحص طلبات براءات الاختراع. عرفت نظريته باسم «النظرية النسبية الخاصة» التي استندت إلى فرضيَّتين نظر العالم الفيزيائي إلى فكرة الزمن، أو على الأقل إلى «جريان» الزمن، باعتبارها أمراً غير موجود هناك في الكون، بل في داخل كل منا بالأحرى. عام 1920 ربح أينشتاين جائزة نوبل. مع أنه كان مرشحاً لها منذ 1910. أدرك أنه لن يحتفظ بنقود الجائزة. فقد سبق أن وعد بإعطائها لزوجته، ميلسفا ماريش السابقة، كجزء من تسوية الطلاق.